بقلم وفاء مكارم
بتصعيد غير مسبوق تدحرجت كرة النار وإلتهمت أطفالاً ونساءاً وأبرياء وقيادات لم يكن آخرها أمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي قضى تحت أنفاق الضاحية الجنوبية.
ومع هذه الواقعة “الصدمة” وقف المؤيد والخصم أمام هول عملية الاغتيال التي حملت ابعاداً كبيرة تخطت كل الحدود المعهودة، فمن خان نصرالله؟ وماذا بعده؟ وماذا ينتظرنا في الميدان؟ وهل تنجح إسرائيل بالعملية البرية؟
في السياق، لفت الصحافي مصطفى فحص في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن الاختراق الأمني البشري واضح لان هكذا عملية لا تكفي ولا تحقق أهدافها باعتمادها فقط على الاختراق التقني، مشدداً على وجود شبكة عملاء قريبة من مراكز صنع القرار في الحزب والدوائر الأمنية التي تستطيع الوصول إلى هذه المعلومات.
وقال فحص: “لا أعتقد أن إيران خانت او تخلت، لان إيران لا تدخل حروباً لا تحقق فيها ارباحاً، وهي تتحمل مسؤولية تصريحات مسؤوليها الكبار في نيويورك وان كانت تحاول الانكار وان الكلام حُرف لكنها كانت كافية لكشف لبنان وحزب الله”، مشيراً إلى أن نتنياهو انتزع من الولايات المتحدة الغطاء العسكري والاستراتيجي والسياسي لأنه اكتشف حجم الضعف الإيراني وحجم التنازلات التي قد تقدمها طهران لواشنطن.
وأكد فحص أن حزب الله يمتلك صواريخ ذكية ولكن زر التفجير محتجز من قبل القرار الإيراني، مضيفاً أن إيران رغم كل الاغتيالات لم تسمح بأي رد على العمليات الإسرائيلية لأنها تعلم أن أي رد قد يطال مصالح استراتيجية إسرائيلية سيؤدي إلى حرب والى ضرب إيران ما سيؤثر على النظام الإيراني خاصةً وان الحرب الفعلية ستكون مع الولايات المتحدة الأميركية لذلك فهي تتفادى المواجهة.
وعما إذا خسر الحزب الحرب، قال فحص: “نحن بحاجة إلى قرار شجاع ليُعلن وقف إطلاق النار حتى نخفف من الخسائر وحفاظاً على حزب الله كحزب سياسي مؤتمن على الطائفة الشيعية وحفاظاً على لبنان، داعياً إلى تسليم الدولة ومؤسساتها كل القرارات الاستراتيجية خصوصاً قرار الحرب والسلم.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي جوني منير في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن حزب الله تلقى العديد من الضربات الكبيرة في هيكله وفي زعامته التاريخية وبأنه مازال من المبكر ان نقول انه خسر الحرب.
وعن ما بعد نصرالله، لفت منير إلى أنه علينا أن نبحث فيما ستؤول إليه الأحداث وما مدى إمكانية الحزب في الاستمرار بالحرب، لافتاً إلى أن اغتيال نصرالله حصل من خلال خرق أمني كبير.
وأشار منير إلى أن الأولوية اليوم هي لانتخاب رئيس للجمهورية بعد وقف إطلاق النار ، معتبراً أن وحدة اللبنانيين تنقذ لبنان وبأنه على جميع الأطراف النزول عن الشجرة ليتجهوا إلى الحوار الداخلي وليتباحثوا في مشاكلهم.
من جهته، أكد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد بسام ياسين في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن لبنان فقد عامل قوة كبير مع غياب نصرالله، لافتاً إلى أن على الصعيد العسكري فان قتل القيادات لديه تأثير معنوي على الوحدات القتالية لكن عندما تكون العقيدة من هذا النوع لا يعود للشخص أهمية بحد ذاته رغم كل أهميته.
وقال ياسين: “قد يحدث ضياع عسكري لدى الحزب بعد اغتيال معظم قادته، مؤكداً أن المقاومة لم تتأثر بشكل كبير يؤدي إلى انهيارها، مشيراً إلى أن قدرة الحزب الصاروخية ليست بالفعالية التي كان يتحدث عنها الحزب.
كما أشار ياسين إلى أن المقاومة قادرة على الدفاع أكثر من الهجوم لان تحضير الأرض للهجوم اصعب وسيحتاج إلى المزيد من العديد وقد لا يُجدي نفعاً كما حصل في غزة، داعياً أن يكون تركيز المقاومة على الدفاع ومنع التوغل البري مهما كان حجمه وعمقه.
وعن الاختراق الأمني للحزب، اعتبر أنه متعدد الأوجه منه الكتروني_تكنولوجي وتبيّن تفوق إسرائيل في هذا المجال ما تمكنها من اغتيال العديد من القيادات بالإضافة إلى العامل البشري الذي يلعب دوراً كبيراً حيث من المرجح أن يكون هناك عدد من الموساد الإسرائيلي في لبنان وفي الضاحية الجنوبية خصوصاً حيث تمكنوا من إعطاء المعلومات في الوقت الذهبي وهم السبب الأكبر في اغتيال قادة الحزب مستبعداً أن تكون الخيانة حصلت من الداخل.
وأضاف أن “الحزب لم يستطع فهم الطريقة التي يعمل على أساسها الإسرائيلي حيث تم التعرف واستهداف كل هذه القادة”.
كما رأى ياسين أن القرار 1701 هو إطار مقبول للبدء بحل معين غير أن الشروط الإسرائيلية زادت، مشيراً إلى اننا قد نعود له اذا رأت إسرائيل ان الحرب تؤذيها فيكون القرار البديل عن الاستمرار بالحرب وتعود حينها إلى المفاوضات ، ولكن ما دامت إسرائيل الرابحة بالمعارك وكلما تنازلنا نحن ستطلب المزيد.
وقال ياسين: “كنت ومازلت أستبعد الاجتياح البري لان الإسرائيلي لا يضمن أن يحقق أهدافه من خلال الاجتياح البري خاصة ان كان يعلم أن الحزب مستعد لهذه المعركة، ولكن قد يحاول بعدة مناطق كي يختبر ردة الفعل ولكن من الصعب أن يفكر باجتياح بري لان حينها يكون قد غرق بالوحل اللبناني والمعركة لن تقتصر حينها على الحزب وحده.
وختم ياسين بأن لبنان مقبرة لأي محتل ويمكن لإسرائيل أن تتفوق جواً وبحراً ولكن لن تستطيع أن تحقق أهدافها بالسهولة التي تتوقعها وقد يكون السبب الذي سيعيدها إلى المفاوضات.