كتب الياس الشدياق:
منذ انتهاء الحرب اللبنانية، لم يكن حزب الله مجرد حزب مقاوم؛ بل تحوّل إلى كيان “فوق العادة”، يرى نفسه مالكًا للحقيقة المطلقة التي لا يملكها سواه. إنه “حربوق” السياسة اللبنانية، فائق الذكاء، و”دوّخ” الجميع بأفكاره وطروحاته.
منذ انتهاء الحرب، وحزب الله لا يُخطئ؛ هو دائمًا على حق. احتفظ بسلاحه غير الشرعي بحجة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفرض سيادة ذاتية على القرى الجنوبية، وتسلّح، وفتح معارك عدة من دون الرجوع إلى الدولة.
وإذا كان من حقه الدفاع عن أرضه قبل عام 2000 بسبب الاحتلال الإسرائيلي، فقد أبقى على سلاحه غير الشرعي حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي. أنشأ منشآته العسكرية والمدنية، وطوّرها وعزّزها، وفرض مناهجه التربوية الدينية الخاصة، وبنى نظامه الصحي الخاص، وبلغ به الأمر حد تطوير نظامه المصرفي بعيدًا عن الدولة.
حزن على مغادرة سوريا واحتلالها للبنان عام 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهنا لن نتطرق إلى الاغتيالات لأن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قالت ما قالت.
فجّر الجنوب ومنه كل لبنان في تموز 2006 تحت شعار “لو كنت أعلم”. اجتاح بيروت عام 2008 حمايةً لشبكة اتصالاته.
أطاح بنتائج انتخابات 2009 النيابية، وفرض على الحكومة اللبنانية معادلة “جيش، شعب، مقاومة” وبيانًا وزاريًا “معطوبًا”، وثلثًا معطّلًا عرقل البلد ولا يزال.
دخل حرب سوريا، وقتل من قتل، وهجّر من هجّر، وجنّد من جنّد واحتلّ ما احتل.
منع الجيش اللبناني من الاحتفال بنصره على تنظيم داعش ومشتقاته، ونقل مقاتلي التنظيم بباصات مكيّفة إلى الداخل السوري. وفي ذكر الجيش اللبناني، قتل حزب الله الضابط الطيّار سامر حنّا لأنه كان يحلّق بطائرته في أراضٍ لبنانية قرر حزب الله أنها ملكه.
سخّر المعابر الحدودية لمصالحه، وأدخل الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وسار بها على الطرقات اللبنانية غير آبه بسلامة أحد، فالأهم هو “سلامة المقاومة”. اشترى أجهزة “البيجر” من الموساد مباشرةً، وحفر أنفاقًا بين المنازل لتخزين الأسلحة، وهي الأسلحة التي هدد فيها يوميًا الشعب اللبناني، كان آخرها في أحداث الطيونة.
عطّل الانتخابات الرئاسية لأكثر من عامين ونصف لانتخاب ميشال عون الذي ساهم بمساعدة حزب الله على إنهاء آخر مقومات الدولة، وبارك وشارك، بتكليف شرعي، في كل ملفات الفساد في لبنان.
قمع ثورة الشباب اللبناني التي طالبت بالحد الأدنى من حقوق العيش بكرامة في الوطن. ضرب ونكّل وحرق وأطلق النار على كل من هتف ضد الفساد والطبقة الحاكمة.
منع، بالتضامن مع حلفائه، السير بأي حل اقتصادي ينقذ البلد، طالبًا من الشعب زراعة البندورة والبطاطا على الشرفات والتوجه شرقًا.
عرقل التحقيق بانفجار، أو تفجير، مرفأ بيروت، وهدد القضاة، أطاح بالأول، وشيطن وعرقل الثاني ولا يزال.
عطّل البلد مرة جديدة، ولا يزال، بفرض مرشحه لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية.
دخل حربًا سماها “حرب إسناد”، من دون أن يستأذن الحكومة اللبنانية، ومن دون مراعاة وضع البلد وما إذا كان مستعدًا لأي مغامرة، بل فرضها على كل لبناني. فرضها على بلد بالكاد بدأ بالخروج من أزمته الاقتصادية.
ساهم بالتضامن مع إسرائيل في تهجير مليون ونصف لبناني، ومقتل أكثر من 3000 حتى الآن، وتدمير أكثر من 36 بلدة جنوبية حدودية، مع أضرار لا يمكن حصرها في العديد من القرى الشيعية على امتداد لبنان، ناهيك عن التدمير الممنهج للضاحية الجنوبية لبيروت.
أخطاء حزب الله التاريخية والاستراتيجية، الداخلية والخارجية، لا تُعد ولا تُحصى. حزب الله فعل كل هذا، مانعًا أي انتقاد أو مساءلة أو حتى القول له “يا محلى الكحل بعينك”. فعل كل هذا لأنه لا يعرف الحق ويفتقر إلى المنطق والبصيرة، في حين يتسلّح بالتكبّر والغرور.
فإلى حزب الله نقول: إعرف الحق، فالحق يحرّرك ويحرّر لبنان من الاحتلال الإيراني.
المصدر: موقع Mtv