بقلم وفاء مكارم
يبدو أن المفاوضات بين الحزب وإسرائيل بدأت مراحلها الجدية مع اقتراب تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للادارة الاميركية، فرئيس مجلس النواب نبيه بري تكلم عن إيجابية لم نشهدها منذ أشهر.
غير أن حزب الله درس المقترح الاميركي لوقف إطلاق النار في لبنان بعناية و قدّم اقتراحاته لنزع أي التباس في النصوص قبل المضي قدماً في التفاوض.
اما إسرائيل فقد استبقت رد المفاوض اللبناني على الورقة الأميركية بتدمير واسع داخل الضاحية الجنوبية لبيروت و خارجها على أمل ان يصبّ هذا التصعيد في خانة الضغط على بري قبل الزيارة المرتقبة لهوكشتاين.
فما هي التعديلات التي سيطالب بها الحزب؟ و ما هو الثمن الذي يدفعه لبنان مقابل انتهاء الحرب؟
أكد المحلل السياسي سيمون ابو فاضل في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” ان عملية وقف اطلاق النار ليست بالسهولة و البساطة التي يتناولها الداخل اللبناني لأن نقطة الفصل ليست بيد حزب الله المرتبط بإيران وان الكلام المتداول في الداخل اللبناني لا مفاعيل له في الواقع ، مشيراً الى ان ايران تنتظر ان تتلقى ضمانات وأثمان من هذه الحرب و الى هذا الحين لم تحصل عليها.
ولفت ابو فاضل الى أن الرئيس بري كان واضحاً بعدم قبول الطرف اللبناني في انشاء اللجنة المسؤولة عن مراقبة سير تطبيق القرار 1701 بالطريقة التي تسمح لهم بالهيمنة و بحرية التصرف، معتبراً ان لا حل قريب ولا وقف قريب لاطلاق النار حتى وان تم فصل جبهة لبنان عن غزة لأن الوضع بات مختلفاً كلياً لأن الحل لا يرتبط فقط بلبنان.
وعن ان الورقة تتضمن موافقة الحزب على اللجنة المراقبة مقابل بقاء دوره و نفوذه المسلح في الداخل اللبناني، قال ابو فاضل ان الاسلام العسكري سقط في المنطقة و بالنسبة للاسرائيلي بقاء سلاح الحزب بات امراً غير وارد، مستبعداً ان يعاد طرح معادلة “جيش ، شعب، مقاومة” لما لها من مضاعفات لأن السلاح خارج الدولة يعني فوضى ووعدم الإلتزام و عدم انتظام للمؤسسات.
و أضاف ابو فاضل ان لإسرائيل هدف هو نزع سلاح حزب الله و ما يحصل اليوم هو شعارات في الوقت الضائع و حزب الله في المستقبل سيكون متعدد في البيئة الشيعية وستتغيّر هذه البيئة بعد كل هذا الدمار.
و عن دور لبنان الرسمي وموقفه في هذه المرحلة، لفت ابو فاضل الى ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتكلم ضمن سقف معين يتعلق باسلوبه و طريقته الخاصة كي لا نصل الى الفتنة و كي لا يُتهم بأنه متآمر، معتبراً انه من الافضل ان يكون الرئيس بري هو المفاوض في هذه المرحلة.
و حول زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، أشار ابو فاضل الى انه لا يحمل حلّ بل هو حامل للمقترح الاميركي لان ترامب و بايدن اتفقا على حل مشترك و لكن هل وافق نتنياهو؟ و من هنا نتائج هذه المفاوضات مرتبطة بقرار نتنياهو الى حين استلام ترامب للادارة الاميركية للضغط عليه لوقف الحرب.
من جهته، اعتبر العميد الركن المتقاعد سعيد القزح في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” ان لا أمل بالتوصل الى وقف لإطلاق النهار في المدى القريب، لافتاً الى ان لا بوادر لحل أزمة لبنان قبل استلام ترامب للسلطة.
و لفت القزح ان ايران هي التي تقود حزب الله بشكل مباشر بعد اغتيال أمينه العام السابق السيد حسن نصرالله فهم من يفرضون شروطهم في هذه المفاوضات و هم المقررون في وقف اطلاق النار على لبنان بما فيها الموافقة على اي مبادرة للحل او رفضها.
و أشار القزح الى ان اي تطبيق للقرار 1701 بشكل مجتزء كما يفسره حزب الله لن يكون في مصلحة لبنان لان انتقال مقاتلي الحزب واسلحتهم الى الداخل اللبناني هو مشروع سيطرة جديدة على لبنان لا يمكن لاحد من اللبنانيين قبوله، مشدداً على ضرورة تطبيق القرار الدولي بكل مندرجاته حيث ان القرار 1559 هو من روح الدستور اللبناني القاضي بحصرية السلاح و قرار الحرب بيد الدولة اللبنانية و جيشها الوطني.
و لفت القزح الى ان العدو الاسرائيلي اذا اوقف النار الآن و اكتفى بسحب مقاتلي حزب الله الى ما بعد الليطاني لا يكون قد حقق أهدافه لان هدفه الاساسي هو تأمين عودة آمنة لمستوطني الشمال، فان حافظ الحزب على قوته في الداخل اللبناني ماذا يمنع عودته الى جنوب الليطاني و اعادة بناء المراكز الهجومية و القيام بطوفان اقصى جديد؟!..
و رأى ان اسرائيل لن تقبل بذلك وإن كان هناك لجان مراقبة لتطبيق القرار 1701.
و أضاف القزح ان لجان المراقبة التي يتحدثون عنها هي عبارة عن قوات اطلسية في حين ان هذه الدول هي من ضمن قوات اليونيفل المتواجدة في الجنوب مثل فرنسا و اسبانيا و ايطاليا و لم تتمكن من منع حزب الله من اعادة بناء نفسه و بناء ترسانة عسكرية كبيرة جنوب الليطاني بعد حرب 20، و لم تمنع اسرائيل من خرق القرار ، فهي غير قادرة على فرض السلام ، و لكي تمنع الخروقات يجب ان تنتقل الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
و عن زيارة هوكشتاين المرتقبة هذا الاسبوع، أشار الى ان الموفد الاميركي يحمل في جعبته الشروط الاسرائيلية- الاميركية المتشددة لوقف اطلاق النار و التي ستصل الى مرحلة تفكيك البنية العسكرية لحزب الله و القدرة القتالية التي يتمتع بها بالاضافة الى سحب سلاحه ، وتخليّه عن الصواريخ كي لا يهدد اسرائيل مجدداً وكي لا يكون خطراً على مستقبل المستوطنات الاسرائيلية.
و ختم: “هوكشتاين لم يعد مفاوضاً بل بات مندوباً لإيصال الطلبات الاسرائيلية الى لبنان.”