بقلم وفاء مكارم
بعد أكثر من 40 عاماً من الظلم والذل والاستبداد سقط نظام الأسد “روحة بلا رجعة”، فبعملية خاطفة وسريعة تمكنت المعارضة من السيطرة على سوريا بعد نضال دام 13 عاماً وباتت المدن والقرى السورية تتهاوى كالدومينو الواحدة تلوى الأخرى بسرعة قياسية، وأثبت هذا النظام أنه أوهن من بيت العنكبوت. فلم يستطع الجيش السوري ولا من لف لفيفهم من داعمين ابقاء الديكتاتور على رأس الحكم فتحررت سوريا أخيرًا من بطشه وتحرر معها لبنان من تبعية البعض لسوريا الأسد. فما هي انعكاسات سقوط نظام الأسد على الدولة اللبنانية؟ وكيف سيؤثر سقوطه على حزب الله وخياراته السياسية و العسكرية؟ و ما هو مصير المعتقلين و المخطوفين اللبنانيين في سوريا؟
يؤكد الصحافي أسعد بشارة في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” أن ما حصل في سوريا كان نتيجة أن ورقة الأسد كانت بحكم المنتهية وسقوط هذه الورقة كان سهلاً بعد تخلي روسيا و ايران عنه، لافتاً إلى أن هناك مرحلة انتقالية صعبة في سوريا فنظام الأسد الأب والابن حوّلها إلى صحراء سياسية و بات ضروري بناء حياة سياسية من الصفر، و أن المطلوب تأمين رعاية عربية ودولية لهذه المرحلة الانتقالية لكي تمر بأمان.
ويعتبر بشارة أن سقوط نظام الاسد يعني أن لبنان ازيح عن كتفه حمل ثقيل فلقد كان هذا النظام معادياً بالفطرة لأي استقرار او وجود دولة حقيقية في لبنان، مشيراً إلى أن سقوط الأسد قطع الشريان الحيوي بين طهران و الضاحية الجنوبية.
ويقول بشارة أنه مع سقوط الأسد بات حزب الله في المربع الأخير وأُضعفت قدرته على التحكم بالقرار اللبناني ، و لكنه قادر على استثمار لغة الفوضى في لبنان ، داعياً قوى المعارضة للوقوف بكل صلابة بوجه أي محاولة للاطباق على المؤسسات في لبنان و تعطيلها و ان تفرض إجراء انتخابات رئاسية يليها تشكيل حكومة وفق المعطيات الجديدة التي نتجت عن سقوط نظام بشار الأسد و ضعف تحكم محور الممانعة في لبنان.
و عن احتمال استخدام “حزب الله” سلاحه في الداخل اللبناني لفرض مواقفه و تحكمه بالبلد، يرى بشارة أن تكرار مشهد 7 أيار او تكرار مسلسل الاغتيالات بات أصعب ونتائجه لن تكون كما في السابق، مشدداً على أن القوى السياسية في الداخل عليها مسؤولية كبيرة لتكون صفاً واحداً و تنتج حالة سياسية قادرة على فرض إيقاعها في استعادة المؤسسات.
و مع سقوط نظام الاسد عاد ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية إلى الواجهة، حيث يؤكد أمين سر لجنة المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي أبو دهن في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” أنه يتابع تحركات المعارضة السورية عن كثب وهو على تواصل مع شخص من المعارضة السورية الذي أخبره أن الأولوية لديهم هي الامساك بزمام الأمور داخل الدولة السورية و عودة تفعيل المؤسسات فيها و أنهم يطلقون سراح جميع المعتقلين ، ولا وقت لديهم للتعرف على هوياتهم و تأمين عودة اللبنانيين منهم ، غير أنه إن طلب أحدهم مساعدة ما فهم جاهزون لتلبية النداء.ويضيف أبو دهن أنه اذا استدعت الحاجة فهو مستعد للذهاب الى سوريا من خلال وفد رسمي مكلف من الحكومة اللبنانية و بالتنسيق مع السلطات السورية الجديدة للبحث عن المعتقلين اللبنانيين و كشف هوياتهم و تأمين سلامة عودتهم، مطالباً الحكومة اللبنانية القيام بواجباتها مع انتفاء المعوقات و التواصل بأسرع وقت ممكن مع السلطة السورية الجديدة لمعرفة مصير المعتقلين اللبنانيين لديها و تنظيم عودتهم الآمنة الى لبنان.
ويكشف أبو دهن أن اللجنة سبق وسلّمت الدولة 622 اسماً للمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية غير أن الدولة ، لافتاً إلى أن الحكومات لم تهتم بأمر المعتقلين في سوريا منذ عشرات السنين، معتبراً أن ما تقوم به الحكومة الحالية اليوم طبيعي بعد المطالبات العديدة للتحرك.