بقلم جوزاف وهبه
يقوم رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو ومعه كابينة الحرب، بكلّ ما أوتيَ من قوّة وجهود، لإشعال جبهة الجنوب اللبناني بما يتجاوز الحرب المحدودة القائمة راهناً إلى حرب مفتوحة بلا ضوابط ولا سقوف ولا قواعد كما جاء في الخطاب الأخير للأمين العام حسن نصرالله ما بعد اغتيال القائد القسّامي صالح العاروري في عقر دار الضاحية الجنوبية.وربّما يحتاج نتانياهو هذه الحرب لتبييض صفحته الملوّثة بالفضيحة الأمنيّة – العسكريّة المتأتّية من عملية طوفان الأقصى، أو لتهيئة دخوله قفص المحاكمة الداخلية التي لا مفرّ منها، وبين يديه ملفّ انتصار جليّ واضح، أو كي يتمكّن من إقناع نازحي مستوطنات الجليل الأعلى بأنّ عودتهم إلى بيوتهم آمنة من طوفان يشابه الطوفان الذي أصاب أمثالهم ساكني مستوطنات غلاف غزّة!.
يضغط نتانياهو بكلّ الوسائل المتاحة، من جهة لإقناع الولايات الأميركية المتحدة بالجدوى السياسية (والعسكرية) من شنّ الحرب على “حزب الله” في الجنوب اللبناني، ومن جهة أخرى عبر التجاوز المتعمّد لكلّ قواعد الإشتباك التي سبق أن رست عليها حرب 2006 في ظلّ القرار الأممي 1701:
-الجيش الإسرائيلي قام بخرق كبير لقواعد اللعبة في استهداف قلب الضاحية الجنوبية كخطّ أحمر طالما رسمه الأمين العام نصرالله في أكثر من مناسبة خطابية تهديدية له. وقد اغتال أحد أبرز قادة “حماس” (الرجل الثاني في الحركة، ومهندس عملية طوفان الأقصى، كما يُقال) صالح العاروري خلال إجتماعه إلى بعض القادة القسّاميين الميدانيين في مكتب يعود لحركة “حماس”..وهو، أي الجيش الإسرائيلي، كان ينتظر ردّة فعل أكثر من إطلاق خمسين أو ستّين صاروخاً باتجاه قاعدة عسكرية، حلا للحزب أن ينشر حولها معلومات أمنيّة تفيد بأنّها “القاعدة التي أشرفت على تنفيذ الهجوم على الضاحية”، في نوع من تضخيم الهدف لتبرير عدم الإنجرار الى الحرب المفتوحة!.
-لم يكتفِ العدوّ الإسرائيلي بهذا الخرق، بل استتبعه باغتيال أحد أبرز قادة وحدة الرضوان وسام الطويل (الحج جواد من بلدة خربة سلم الجنوبية) وهو مقرّب من نصرالله، ومن أبرز قادة النخبة الميدانيين، وثمّة صور تجمعه الى قائد الحرس الثوري الإيراني الراحل قاسم سليماني، ما يشي بموقعه العسكري المتقدّم والمميّز!.
-تأتي هاتان العمليتان المتقاربتان في الزمن (الأيام الأولى من العام 2024) في سياق عمليات شبه يومية أدّت وتؤدّي الى استشهاد عدد كبير من المقاتلين (بلغ 150 شهيداً)، ومن بينهم المجموعة القيادية التي قضى من بينها نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، وتردّد أنّها الخليّة الميدانية المسؤولة عن تنظيم وتنفيذ إطلاق الصواريخ من القرى والبلدات الحدودية باتجاه المراكز والقواعد العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية!.
كلّ هذا الضغط العسكري الإسرائيلي المتصاعد يحمل عنواناً واحداً:جرّ الحزب الى الحرب المفتوحة، ما يجعل نتانياهو يتجاوز التحذيرات الأميركية والضغوط الدبلوماسية الواسعة من خلال التحجّج بأنّ “الحزب هو البادئ..”، وحينها يستطيع الإدّعاء بأنّ البادئ هو الأظلم!
“لمَن تُقرَع أجراس الحرب”: للأمين العام نصرالله الذي باتت تحرجه الضربات العسكرية – الأمنية المتلاحقة والموجعة.. أم لرئيس الحكومة نتانياهو الذي باتت تطارده لعنة “طوفان الأقصى” إلى حدّ المطالبة السياسية والشعبية بإقالته، ولو في عزّ الحرب، تمهيداً لمحاكمته؟