وما يُخفى أدهى وأعظم!..
كتب صائب بارودي
على ما يبدو أصاب المراجع والقوى السياسية حالة من الحيرة والتردد في حسم مواقفها من التسوية السياسية لإنهاء الشغور الرئاسي ،فحينًا تدعو إلى تحقيق تسوية داخلية تقضي بإنتخاب رئيس للجمهورية صناعة لبنانية وحينًا يلوذون بتسوية خارجية تأتيهم عبر اللجنة الخماسية. ولم يفلحوا في إنجاز هذه، ولا تحقيق تلك، وفشلت كل المساعي والمحاولات وسقطت مبادرة الرئيس بري داخليًا، وعجز الموفد الفرنسي جان ايف لودريان من النجاح في مهمته ومبادرته ، كما أن المؤشرات توحي بأن مهمة الموفد القطري وصلت إلى حائط مسدود، ما يعني أن كل اللقاءات والجولات المكوكية والاتصالات والمباحثات بين الموفدين والأطراف السياسية اللبنانية لم تؤتِ ثمارها وباءت بالفشل. ما يشير إلى أن الزيارات المرتقبة للموفد الفرنسي لودريان وزيارة الوزير القطري الرسمية إلى لبنان تؤكد أن الشغور الرئاسي مستمر ولن يعالج في المدى المنظور ،كما تؤكد أن كل ما جرى من تحركات واتصالات ليست سوى مناورات ومراوغات لتقطيع الوقت حتى تتمّ التسوية الأهم وهي على مرحلتين:
- تسوية خارجية في إتجاهين : مفاوضات أميركية – إيرانية حول الأسلحة النووية ، و مفاوضات سعودية – حوثية تنهي الصراع في اليمن . وكل مفاوضات منهما لدى أطرافها أكثر أهمية وأولوية من تسوية الأزمة اللبنانية التي يمكن أن تنجز بعد تحقيق التسويات الأولى،فإذا حققت إيران مصالحها ومكاسبها التي تريدها من مفاوضاتها مع أميركا،ونجحت مباحثات الرياض مع الحوثيين سينعكس إيجابًا على الأزمة اللبنانية لتسلك طريق الحل والمعالجة ، وإذا ما تعثّرت أية منهما سيبقى جدار التسوية اللبنانية مسدودًا.
- تسوية داخلية وطرفها الرئيس الحزب المترقب لنتائج التسوية الخارجية لعلاقته العضوية مع النظام الإيراني.والحزب لن يفرج عن التسوية الرئاسية الرهينة لديه إلا إذا ضمن رئيسًا يعترف بشرعية سلاحه وقدراته العسكرية وشرعية دويلته الصغيرة بكل مؤسساتها السياسية والخدماتية والمالية والإقتصادية التي بناها على مدى السنوات الطويلة السابقة. ولن يسمح لأحد مهما كان وفي أي ظرف من الظروف في زوالها مُحصّنًا بالموقف الإيراني الذي اتخذه عقب استدعائه للعدوان الصهيوني في تموز ٢٠٠٦ ليسجل فيه انتصاره الوهمي المهدى له من الكيان الصهيوني تغطية على ارتكابه جريمة العصر باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وليخرج مسؤول إيراني ويكشف عن هدف المسرحية “التموزية” بقوله بعد انتصار الحزب في معركته يجب أن يترجم هذا الانتصار إلى مكاسب سياسية في السلطة اللبنانية.
لذا فإن كل المساعي والمبادرات الخارجية والداخلية لن تبلغ النتائج المرجوة بإنتخاب الرئيس إلا ضمن الإعتراف الشرعي والقانوني والرسمي لمطالب وشروط الحزب وقد تكون في مراسيم وقوانين وتشريعات يصدرها العهد القادم!..