‎المحسوبية “فيروس” قاتل

بقلم ‎محمد حندوش

‎كانت الكفاءة ولا زالت مقياس نجاح المؤسسات وارتقاء الأحزاب وفوز الأندية وسمو الشركات ونهضة الأوطان.

ويوم تعزم المجتمعات أن ترتقي بمستوياتها وتبحث عن موطئ قدم لها في عالم التقدم والتطور ما عليها إلا أن تفسح المجال للمتفوقين، وتخلق مساحة آمنة للمبدعين، وتترك المجال لأهل الاختصاص ليدلو بدلوهم ويقودوا أوطانهم وشركاتهم ومؤسساتهم نحو التميّز والتألق،
فالمحاباة من أسوأ أنواع الفيروسات التي تصيب المؤسسات، والوساطة من أخطر أنواع الأمراض التي تهدّد الوزارات، والمحاصصة من أبشع أنواع الأوبئة التي تجتاح الدول.

(دانيال باديسلف) هو حارس مرمى روماني يصل وزنه الى 130 كلغ وتسبب في نزول ناديه من الدرجة الثانية الى الدرجة الرابعة و النادي عاجز عن طرده لأن أمه أحد ممولي النادي.

‎استقال بسبب دانيال أربعة مدربين و توفي أحد المدربين بسبب نوبة قلبية، كما اعتزل أحد لاعبي النادي اللعب نهائيا بسببه، كما اضطر المدرب اللعب بسبعة مدافعين ليساعدوا الحارس و ثلاثة لاعبين في خط الوسط دون هجوم .

‎كم لدينا من دانيال و لكن في مجالات آخرى
‎ خراب مؤسساتنا بأمثال دانيال وأمه، ودمار الدول يكون من الداخل، عندنا يصبحُ الفسادُ ثقافة منتشرةً على امتداد الدوائر، فتضيع الحقائق وتموت الأمانة ويسود الظلم.

ثروات الأوطان الحقيقية هي عقول مفكريها، ونفط البلاد الحقيقي ليس مجرد آبار بترولية، ورأسمال مال الشركات لا يحسب بأرقام حساباتها في البنوك وحسب، بل بكفاءة أفرادها وتخصص فريق العمل، وانتقاء جسمها البشري وفقاً لمعايير التخصص والكفاءة والإيمان بالقضية والانتماء الإيجابي،

ويوم غَيّبت المؤسسات والوزارات والدوائر منهجية الكفاءة، وأهملت أبجدية اختيار الأنسب، نخرت الوساطة عظامها، ونهشت المحسوبية أركانها فهوت من عليائها، وتفككت أعمدة كينونتها، فحل الفساد ضيفاً ثقيلاً عليها،

وهذا ما جعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يختار ولاته وعمّاله على الولايات كمن يختار قدره، على قاعدة الأكفأ والأنسب والأفضل، فارتفعت أركان العدل، ورست هيبة الدولة، وعاش الناس في كنف الأمن والأمان، وحلّ السلام عقوداً طويلة من الزمن.

لا قيامة دون عدالة، ولا نهضة دون كفاءة، ولا ريادة دون مساواة وإلا.. فعلى الأوطان السلام

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top