الجنازة باردة والميّت شعب.. والعرس أهمّ من العريس!

هناك فريق في البلاد يحاول تكريس عُرف البقاء من دون رئيس للجمهورية ما بين ولاية رئاسية وأخرى، تمهيدًا لتيئيس اللبنانيين و”إقناعهم” بعدم جدوى وجود رئيس الجمهورية، فمعه تُدار البلاد ومن دونه أيضًا، وهذا هو الانقلاب الأخطر على الدستور

كتب بشارة خيرالله لـ “هنا لبنان”:

عندما تسأل أحد أهمّ المتابعين لخفايا الشأن الرئاسي وأكثرهم عمقًا، “أين أصبحنا” و\أو “من هو الأوفر حظًا في سباق الوصول إلى قصر بعبدا”، يجيب بثقة العارف لـ “هنا لبنان”: “مع الأسف، صار العرس أهم من العريس”..

ماذا يعني هذا الكلام؟ هناك فريق في البلاد يحاول تكريس عُرف البقاء من دون رئيس للجمهورية ما بين ولاية رئاسية وأخرى، تمهيدًا ربّما لتيئيس اللبنانيين عمومًا والمسيحيين خصوصًا والموارنة على وجه التحديد و”إقناعهم” بعدم جدوى وجود رئيس الجمهورية، فمعه تُدار البلاد ومن دونه أيضًا، وهذا هو الانقلاب الأخطر على الدستور وعلى الميثاق الوطني وعلى الصيغة اللبنانية الفريدة من نوعها في العالمين العربي والغربي، ولهذا الفعل البالغ الخبث والخساسة مرتزقته الدائمين من الموارنة أنفسهم.

وفي حال أطل رأس الكنيسة المارونية شاكيًا في عظاته من الإمعان في قطع رأس الدولة، تقابله الجيوش الإلكترونية التّابعة لحرّاس الحدود مع إسرائيل وتبدأ عمليّات التخوين والشيطنة وقلّة الأدب، وكأنّ هناك من يريد أن يقول لهذه الفئة المؤسِّسَة لدولة لبنان الكبير: أهلًا بكم في إيرانستان، حيث لا معارضة ولا مكان لأيّ رأي آخر، مهما علا مقامه.. ولهؤلاء المرتزقة لا بدّ من كلمة: خسئتم يا عملاء الباسيج.

لقد نجح الفريق الإيراني في لبنان بفرضه هذا الأمر الواقع ليس بفعل قوّته، بعد انكشافه على حقيقته وارتداد “أسطورة أوهن من بيت العنكبوت” عليه، منذ بدأت الحرب في غزّة، لكن بسبب عدم الوقوف في وجهه صفًا واحدًا متراصًّا ينزع عنه أي غطاء وكل صفة، والتعامل معه على حقيقة ما هو عليه من دون أيّ مسايرة ومن دون أيّ تلطيف في الكلمات.

أخطر ما تعاني منه البلاد اليوم، هو الانقلاب الشامل، على الأخلاق أولًا وعلى الأعراف والمفاهيم ثانيًا وعلى الدستور ثالثًا ورابعًا وعاشرًا، فهناك من يضع مفاتيح القصر الجمهوري والمجلس النيابي والحكومة مجتمعة في جيبه ومن ثمّ يذهب ليقاتل في سوريا وفي العراق وفي اليمن، ويُرسل خلاياه و”هداياه” إلى الدول العربية والأجنبية، ناهيك عن رفعه الشعار الكذبة “تحرير فلسطين” بعد رمي إسرائيل في البحر وغيرها من الخزعبلات والأفلام، من دون “المخاطرة” والقبول برئيس جمهورية يقول “لا” عالية لرمي لبنان في أحضان المحاور واستعمال أرضه ساحة للمبارزة والمبازرة وعقد التسويات وترسيم الصفقات على حساب الدستور وعلى حساب المصلحة اللبنانية الصافية.

هناك مثل شائع يقول: “الجنازة حامية والميت كلب”، للدلالة على عدم أهمية أيّ موضوع يلقى اهتمامًا فوق العادة.. ومع ما نعانيه اليوم مع هذه الزمرة الانقلابية القاطعة لرأس الدولة من دون معارضة متماسكة كما يجب ومن دون ارتداع، يمكننا الصراخ بصوت عالٍ، إلى جانب رأس الكنيسة المارونية ومع كلّ من يعلو صوته مطالبًا بضرورة العودة إلى الانتظام العام: صارت “الجنازة باردة والميت شعب”.. وإن سلّمنا جدلًا أنّ “العرس” صار أهمّ من “العريس” كما قال “صديقنا”، علينا التشديد دائمًا أنّ “العريس المطلوب” يجب أن يكون “لبنانيّ الهويةِ والانتماء” يعرف أين وكيف ومتى يقول “نعم”، ومتى يرفع الـ “لا” في وجع كل من يعتدي أو يُفكِّر في الاعتداء على السيادة اللبنانية.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top