أبو زيد: لا يمكن للسعودية أن تستثمر بالنظام السوري.. وتطبيعها للعلاقات مع دمشق يريح لبنان الأمين: النظام السوري “هرهر”.. وإمكانية سيطرته على لبنان غير متاحة!

ليس مستغرباً أن نشهد عودة العلاقات السعودية – السورية إلى حد ما بعد قطيعة دامت ١٣ عاماً، فالمملكة العربية السعودية التي أخذت على عاتقها سياسة تصفير المشاكل مع الجوار ماضية في صناعة مستقبلٍ أفضل لأبنائها.

ورغم أن البعض في لبنان قد “سنّ أسنانه” لعودة النفوذ السوري إلى الساحة اللبنانية من البوابة السعودية، وبدأ يتحضر معتقداً أن زمن الوصاية عائد، إلا أن هذه العودة باتت مستحيلة، ولو طبع لبنان الرسمي علاقاته مع النظام السوري، فكيف لهيكلٍ عظمي أن يواجه ريح الرفض اللبناني؟ وما مصير ال “سين-سين”؟ وهل تسعى السعودية للحد من النفوذ الإيراني في لبنان من خلال إطلاق يد الأسد داخله؟

بقلم وفاء مكارم

في هذا السياق، أكد الصحافي والمحلل السياسي علي الأمين في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن صورة مشهد إعادة العلاقات بين السعودية وسوريا لم يتضح بعد إن كانت تنطوي على اتفاقٍ ما، بل هي البداية ولا يمكن أن نعتبرها إنجازاً لتفاهمٍ كاملٍ، لافتاً إلى أنه من المبكر الحديث عن تقاسم حصص ونفوذ بين السعودية وإيران في الداخل السوري.

وقال الأمين أن “المملكة أعادت العلاقات مع دمشق وشرعتها دون الموافقة على الوضع السوري القائم حيث هناك وجهة نظر متبناة من الجامعة العربية والدولة السعودية على الأخص تفيد بأنه لا بد من حلٍ سياسي فعلي في سوريا ويبدو أن هذا الحل ليس قريباً”.

وعن سبب سعي الرياض لتطبيع العلاقات مع دمشق، اعتبر الأمين أن الأمر عائد إلى حاجة المملكة لحل المشاكل مع المحيط تنفيذاً لسياستها في تصفير المشاكل، مؤكداً أن ذلك لعب دوراً كبيراً في التوصل إلى مستوى معين من العلاقات بين البلدين سيليه فتح الملفات لاحقاً.

ورأى الأمين أن الأمر لا يأخذ أكثر من حيّز فتح العلاقات، ولو أراد الرئيس السوري بشار الأسد أن يرتمي في حضن السعودية لن يستطيع لأنه في قبضة إيران وروسيا المتحكمين بالوضع السوري بالكامل، مشيراً إلى أن هذا النظام لا يستطيع أن يقرر بأي اتجاه يريد أن يكون وقدَره حتى الآن أن يبقى في الحضن الإيراني لأنه الأضمن لبقائه طالما أن العقوبات ما زالت مفروضة عليه شخصياً وعلى بلاده.

ومن هنا لفت الأمين إلى أن الأسلم للأسد في الحسابات السياسية أن يبقى في الحضن الإيراني، معتبراً أنه لا رهان على أن السعودية ستعيد إعمار سوريا طالما أن هذا البلد ممسوك من أطراف أخرى.

وحول إمكانية إطلاق يد سوريا في لبنان مجدّدًا، قال الأمين: “مازال للبنانيين رهاب من النظام السوري، ولكن في الواقع هذا النظام “هرهر” وغير قادر على السيطرة على الوضع في سوريا فكيف له أن يعيد سيطرته على لبنان؟ فهو يعيش على حماية إيران و”حزب الله” لذلك فإن الأمر غير منطقي بل هو نوع من البروباغندا والمبالغة لأن سوريا التي عرفناها قبل الحرب مختلفة عما بعدها، فالنظام ضعيف وهناك حاجة إلى بقائه ضعيفاً طالما أن البدائل غير متوفرة ومن ثم إمكانية تأثيره في الساحة اللبنانية غير متاحة وغير واردة”.

وختم الأمين بأن “هذا النظام أصبح عارياً إقليمياً فقد شرعيته الشعبية بمعزل عن القوة العسكرية الموجودة، ويسير بقدم إيرانية وقدم روسية ودونهما ينهار، بالتالي لا قابلية لهذا النظام أن يعيد سيطرته وقوته كما كان في السابق ومقومات القوة لديه انعدمت فلا يمكن للسعودية أن تقويه أو أن تستثمر به”.

ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي سركيس أبو زيد في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن العلاقة الإيرانية – السورية ما زالت طبيعية كما أن هناك بداية تفاهم بين إيران والسعودية فالأمور لا تتم على الصعيد الدولي بشكل قطعي، لافتاً إلى أن سوريا تسعى بعد الظروف التي مرت بها إلى توازن بعلاقاتها الخارجية وعلاقتها جيدة مع روسيا وكذلك مع إيران بالإضافة إلى الانفتاح على السعودية والإمارات وغيرها من الدول ومن المتوقع أن تشهد المزيد من الانفراج مع العديد من الدول العربية.

كما اعتبر أبو زيد أن السعودية تسعى إلى الانفتاح على جميع الدول لأن نظامها بات يعتمد على الاستقرار.

وكذلك سوريا تحاول الانفتاح على العديد من الأطراف بعد المشاكل الاقتصادية التي مرت بها، لافتاً إلى أن النظام السوري أخذ الدروس والعبر من الحرب، بعد أن عانى من ضغط سياسي واقتصادي. ولذلك تسعى سوريا إلى أن يكون نظامها أكثر توازناً، ولكن صيغة النظام النهائية في سوريا ما زالت غير واضحة.

وعن إمكانية أن تكون عودة العلاقات السعودية السورية مفتاحاً لتطبيع الدول الغربية مع نظام الأسد، أكد أبو زيد أن هناك اتصالات بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية ولكن ما زالت العلاقة غير واضحة حتى الآن، لافتاً إلى أن هذه الدول تستخدم ورقة النازحين للضغط على سوريا لفرض تغيرات أو تعديلات معينة على نظامها.

وقال أبو زيد أن “البعض يعتبر أن المنطقة ذاهبة إلى سايكس بيكو جديد والى انقسامات جديدة وتغييرات ببعض الخرائط الجغرافية وعلى ضوء هذه التغيُرات تتقرّر العلاقات مع سوريا”.

وحول إمكانية أن تكون نيّة السعودية تحجيم الدور الإيراني في لبنان عبر سوريا، أشار أبو زيد إلى أن التسوية النهائية مرهونة باستقرار التوازنات التي ستُعْتَمَد فإذا كان هناك تفاهمات ستكون الأمور على شكل تقاسم نفوذ لا تناقض أما إذا كان هناك تناقض فسنشهد شكلاً من أشكال المواجهة.

كما أكد أن تطبيع العلاقات السعودية – السورية يريح لبنان، مشدداً على ضرورة أن يكون للبنان سياسة واضحة وتفاهمات معينة، وأن لا يكون لكل طرف رهانات الاستقواء بالخارج ضد على أخيه في الداخل.

وأضاف أبو زيد: “إن لم يحلّ اللبنانيون الأمور فيما بينهم سنذهب فرق عملة في ظل التفاهمات الإقليمية”.
وعن إمكانية أن نشهد تطبيع للعلاقات اللبنانية السورية الرسمية برعاية سعودية، قال: “من الممكن أن ينسحب هذا التفاهم على لبنان وخاصة بعد أزمة النازحين نرى أن الموقف اللبناني لم يعد بالحدية نفسها التي كان عليها سابقاً”.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: