المفتي حجازي: لدولة مستقرة مستقلة ولوطن آمن لجيمع أبنائه ونصرة لغزة واهلها

اعتبر مفتي راشيا الشيخ الدكتور وفيق حجازي، اليوم السبت، ان “لبنان يمر اليوم بأزمة كبيرة ونطاقها لا يقتصر على الحياة الاقتصادية المعيشية فقط ، بل يطال كل مرافق الحياة فيه وعلى وجه الخصوص الحياة الأسرية”.

جاء ذلك خلال اللقاء الروحي الذي عقد في دار الفتوى في راشيا، بحضور المرجعيات الروحية من الطائفة المسيحية برئاسة الأكسارخوس ادوارد شحادة، والطائفة الدرزية برئاسة عضو المذهب الدرزي ممثل سماحة شيخ العقل الشيخ أسعد سرحال ووفد من المشايخ، كما وبحضور المستشار الشيخ علي الجناني وعدالة القاضي عبد الرحمن شرقية ولفيف من السادة العلماء.

وعقب اللقاء صدر عن المفتي حجازي البيان الآتي:

نلتقي اليوم في رحاب دار الفتوى، وفي هذا اللقاء الجامع بأطيافه، على مستوى الوطن وقيم ومكانة أصحابه، وفي وقت يتأكد لنا فيه ضرورة التكاتف من أجل مصلحة الوطن وأهله في ظل واقع معيشي وسياسي وأمني وأخلاقي وقيمي يتأرجح فيه لبنان من خلال محاولات خلخلة كيانه وزعزعة بنيانه وشرذمة أركانه وهجرة إنسانه.

وقال البيان: “يأتي هذا اللقاء في ظروف استثنائية يعيشها لبنان والعالم العربي خاصة وأن فلسطين تئن من ويلات الاعتداء الصهويني على أرض غزة والذي يرتكب كل يوم جرائم حرب بحق الإنسان في مخالفة لكل الشرائع والأنظمة والأخلاق والمباديء والقيم وينال لبنان من شظى جرائمه اعتداءات متكررة في جنوبه وبقاعه”.

وأضاف، “كذلك ليس غريبا على هذا العدو أن يفتك ويقتل وحرق ويدمر في غزة فهو من قتل الأنبياء وتطاول عليهم وأعراضهم وطعن بنبي الله عيسى ومن آمن معه ونسب إليه ما لا يصح وطعن في عرض أمه وفي القرآن الكريم وصف لهؤلاء بأنهم قتلة وأنهم مسخ وأنهم مجرمون”.

وتابع البيان، “ولذلك كان على العالم الغربي أن يدعم قضية شعب مكلوم وحق مسلوب وأرض مغتصبة وأطفال يتامى ونساء أرامل وأرض مقدسة عند جميع الشرائع ومن هنا تأريخ فلسطين المعاصرة لتاريخ يسجل بأحرف من انامل قطعت وبحبر دم من أشلاء مزقت وبأوراق من أشجار قطعت لتسجل جرائم قطعان مرتزقة في أرض سلبت واغتصبت ودمرت ولكنها تأبى إلا الحياة وسجعل الله بعد عسر يسرا لأن الغلبة للحق والله لا يحب الظالمين”.

وقال المفتي حجازي، “إننا في أزمة كبيرة في لبنان، ونطاقها لا يقتصر على الحياة الاقتصادية المعيشية فقط ، بل يطال كل مرافق الحياة فيه وعلى وجه الخصوص الحياة الأسرية يطال الأسرة في عمقها بدءا ومسارا ونتاجا من خلال محاولات التشريع خارج نطاق الثوابت الدينية وبمسميات متعرجة لتنهش من الاستقرار الأسري ولتنزع من الأهل قواعد التوجيه وضوابط السلوك لتعيش الأسرة حياة مساكنة دونما إدارة لها وإرادة لسلامتها بحيث يكون البيت أوهن من بيت العنكبوت يتفتت وينهار أمام أي هزة وشبهة ونزوة ورغبة على حساب الدين وقيمه”.

ورأى أن “هذا يتطلب منا كرجال دين مؤتمين على حياة الناس واستقرار المجتمع فيها وعلينا أن نواجه المخططات المشبوهة التي تعمل على تفتيت كيان الأسرة تحت مسميات متعددة ودعايات متلونة تدعي حماية المراة لسن قوانين وتشريعات لتلجم روحية الحياة الأسرية وتجعلها بعيدة كل البعد عن قيميتها التي تنبع من ثوابتها الدينية لتعيش حياة بعيدة عن بيئتنا وتقاليدنا ومن قبلُ عن ديننا الذي نفخر ونعتز بانتمائنا إليه ومما يؤسى له أن يكون في برلماننا من يشجع على تلك التشريعات الغريبة عن قيمنا والبعدية عن ثوابتنا والمشبوهة بأبعادها وآثارها التي منها أن تكون الأسرة متفككة والحياة فيها مختلة والعلاقة متوترة والنتيجة تفتيت لحمة البيت وسلامة أفرداه وتعطيل نتاجه عن بناء الوطن وعيشه السعيد”.

وأوضح، “لقد طالت هذه الأزمة المتعددة المتعدية في الوطن حتى جعلت من حلم أبنائنا الهجرة للخارج عند أي فرصة تسنح لهم بل وإغلاق بعض أصحاب المصالح التجارية مصانعهم في لبنان والانتقال للخارج نظرا للضرائب المرتفعة وعدم القدرة على المنافسة مع الخارج وبالمقابل إغراق الأسواق في الداخل بالبضاعة الأجنبية على حساب الصناعة الوطنية فضلا عن دخول بضائع خارج القانون دونما جمركة على حساب أخرى مما جعل خللا في العمل الاقتصادي ونوعا من الاقطاع على حساب الاقتطاع من الاسيراد بعدالة وبمراعاة للواقع الاقتصادي والانتاجي، إضافة لإغراق الأسواق بالبضاعات غير الصالحة للاستخدام من تغيير في تاريخ صلاحيتها او تصنيعها خارج المواصفات الصحيحة،كما نحذر من عدم تطبيق المواصفات الصحية في المنتوجات الزراعية مما يتسبب بامراض قاتلة وخطير”.

وأكمل، “وإن مما ينبغي التنبه له أن انتشار المخدرات وتعاطيها في ارتفاع وهذا بحسب آخر الأحصائيات التي تمت وقد تحدث معي عنها الامنيون محذرين من تفاقم ذلك خصوصا وانه يطال فئة من أبنائنا عليهم فيما بعد تحمل مسؤولية الوطن وهذامنذر بخطر كبير وشر مستتطير مما يتطلب منا كرجال دين ان نوجه لتلافي ذلك ونواجه ذلك من خلال توجيهاتنا الدينية وخصوصا في مناسباتنا الوعظية الاجتماعية “.

وزاد، “من عظمة الدين في حياتنا أنه أردانا أن نكون أحرارا وللوطن حماة وللإنسان هداة وللعمران بناة وللقيم سادة فكان حريا بنا أن نعمل على بناء الوطن وتحقيق الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم المجتمعي بين جميع أطيافه وبشتى ألوانه ولذلك يأتي هذا اللقاء في هذا القضاء الأنيس والمؤنس والرائد والرائع ليؤكد أننا وباجتماعتنا هذه وبأطيافنا الدينية أهل حرص على هذا التميز والتناغم والتواصل والتشاور لما فيه خير قضائنا ولبنان”.

واستطرد حجازي بالقول، “وهنا لا بد لنا من كلمة من مقتضاها أننا نؤمن بتطبيق القانون في الوطن وعدم السماح بالمخالفة والخروج عليه لأي يكن وإلا سقطت هيبة الوطن وانهار عماده وبالتالي ما يجري بحق النازحين السوريين من ترحيل دونما مراعاة للظروف الإنسانية خاصة وان هنالك من هو مقيم إقامة رسمية حسب القانون ومع ذلك يرحل للخارج والبعض لا يسمح له بترتييب أوضاعه فضلا عن أن بالإمكان ذلك إضافة إلى أن على الدولة تطبيق القنون الدولي الإنساني الذي يحتم مراعاة الجانب الإنساني لللاجئين ونحن على علم بان هنالك لبنانين في الداخل السوري عندهم تجارات وإقامة وأعمال ولو تمت المعاملة بالمثل لتعطلت أعمالهم وأرزاقهم وهذا لا يقبل فضلا عن الدول العربية والغربية والنقطة الجامعة في ذلك هي في تطبيق القانون لا في انتهاكه مع التأكيد على أننا لا نغطي خارجا عنه ونؤكد على أن يكون المقيمون على أرض الوطن من غير اللبنانين يحملون إقامة رسمية ضمن الأصول المرعية الإجراء.

وأردف، “إننا نطالب البرلمان اللبناني أن يقوم بواجبه في انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت دون الانتظار للقرار الخارجي لأننا نعتقد أن في لبنان رجالا بإمكانهم حمل أمانة الدولة وتحقيق حلم اللبنانيين بوطن مستقر مستقل مزدهر يطبق فيه القانون على الجميع وتقوم المؤسسات بواجبها لخدمة الوطن وأهله وعليه فإن انتظار اللجنة الخماسية لتنوب عن البرلمان أو تنزل الورقة عليه أمر لا يليق بمن انتخبهم الشعب ليحققوا تطلعاته وأمنياته بوطن لجميع أبنائه مطبق في الدستور والقانون”.

وختم بالقول، “نحن دعاة وحدة لا فتنة ودعاة بناء لا هدم ودعاة استقرار لا خراب ودعاة عدالة لا ظلم ودعاة عيش مشترك لا إلغاء فيه ولا إقصاء ولا استنسابية ولا محسوبية وعليه يأتي هذا للقاء الروحي في دار الفتوى في راشيا ليضع الأمور في نصابها وأننا بما نمثل ومن نمثل كطيف في لبنان ينتشر ضيائه على مساحة الوطن نتمنى ان يخرج لبنان من واقعه إلى غد مشرق ومستقبل أفضل تطبق فيه الديمقراطية بعدالة ومساواة”.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top