ينطلق لبنان هذه المرة من قاعدة الدعم الذي يوفره له ترؤس روسيا لمجلس الأمن الشهر المقبل، وسيراليون في آب، فيما تشكّل عضوية الجزائر في المجلس كممثلة للمجموعة العربية، دعماً مباشراً للموقف اللبناني.
فلبنان يتمسك بالتجديد للقوات الدولية بذات الروحية للقرارات القديمة، وعدم المساس بجوهر قرار نشر القوات جنوب الليطاني، مع الاستمرار بآلية التنسيق الكاملة بينها وبين الجيش اللبناني.
وعلى الرغم من كل الحملات التحريضية التي يشنّها العدو دبلوماسياً وإعلامياً للتأثير في مهمة اليونيفل، إلا أن هذه المهمة ستبقى محدودة بفعل الأمر الواقع وتصاعد الصراع بين العدو و”حزب الله”، غير أن أي تصعيد على الجبهة الجنوبية أو وقوع الحرب الشاملة يضع مهام اليونيفيل في العدم، خوفاً من تعرض جنودها لأي خطر “ويروحوا فرق عملة”.
بقلم وفاء مكارم
من هنا، اعتبر الخبير الإستراتيجي العميد بسام ياسين في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن التمديد لليونيفل أمر حتمي لأن عدم التمديد يضع لبنان أمام مشكلة كبيرة، وبما أن الجميع ومن ضمنهم مجموعة الدعم الدولية يطالبون بتطبيق القرار 1701 فلا بد من الذهاب نحو التمديد.
وعن مصلحة لبنان من التمديد لليونيفل، أكد ياسين أنها مصلحة دائمة في إيجاد شهود عيان على الاعتداءات الإسرائيلية وهي وسيلة تضمن وصول صوت لبنان إلى الأمم المتحدة في حال وقوع أي مشكلة بيننا وبين العدو.
وحول إمكانية فرض تعديلات معينة، قال ياسين “كل سنة تسعى الولايات المتحدة إلى فرض تعديلات جديدة على نص التمديد ولكن في كل مرة تصطدم بتعند روسي – صيني صديق للبنان”، معتبراً أن التمديد سيكون على الصيغة القديمة نفسها، خصوصاً في ظل الحرب الدائرة حيث لا يمكن رفع سقف صلاحيات الأمم المتحدة لأن الطبخة لم تستوي بعد.
أما في حال وقعت الحرب الشاملة، أشار ياسين إلى أن الأمم المتحدة محكومة بالتمديد، ولكن إذا حصلت الحرب هذا يعني أننا ذاهبون إلى تسوية ما يعني تعديلاً بالقرارات وهنا نكون قد دخلنا في شق آخر، وإن لم يكن هناك تسوية لن يكون هناك بنود جديدة للقرار، مشدداً على أن وجود اليونيفيل ضروري حتى بعد انتهاء الحرب.
ولفت ياسين إلى أن الوضع أقرب إلى فترة تأجيج الصراع لتتم التسوية “على الحامي وليس على البارد”، موضحاً أن المقصود ليس حرباً شاملة لأن حساباتها خاسرة عند الجميع.
وختم ياسين “قريباً سيُعْلَن انتهاء العمليات في غزة ولكن هذا لا يعني وقف إطلاق النار في غزة ولا تسوية وتبادل أسرى وانسحاب القوات الإسرائيلية بل سيأتي الأميركي ليقول انتهت العمليات في غزة وتعالوا لمناقشة موضوع الحدود وهنا ستبدأ عملية التفاوض تحت النار وسيتأجج الصراع عدة أيام ليقولوا للعالم أنه تحت الضغط أُوجِدَت تسوية ما تكون مخرجاً ل”حزب الله” في موقفه من مساندة غزة ومخرجاً لإسرائيل بأنها تسعى لعودة المستوطنين وهو سيناريو قابل للتطبيق ونحن قادمون على مرحلة حامية حاسمة ومصيرية”.
ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي سركيس أبو زيد في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن هذا التمديد سيتم على نحو تلقائي ككل سنة، لافتاً إلى أن التعديلات تحتاج إلى مؤتمر دولي يحدد بنود القرار 1701 ودور اليونيفيل.
كما أكد أبو زيد أن التمديد سيتم وفق الشروط المطروحة حالياً لأن الهدف هو عدم توسع الاشتباك في الجنوب، مشيراً إلى أنه في حال التوصل إلى أي تسوية سيكون لليونيفل دور بانتظار ما سيكون القرار النهائي في الجنوب.
ورأى أبو زيد أنه قد تكون هناك محاولات لتمرير تعديل معين بأقل ضرر ممكن، مشدداً على أن أي تعديل محكوم بموافقة لبنان وفي ظل الشغور الرئاسي من الطبيعي تكرار التمديد.
ولفت إلى أن لبنان كان قد طلب بعض التعديلات بصياغة التمديد لردع إسرائيل عندما تخترق سيادة لبنان ولم يؤخذ به وكانت محاولة من الطرف الآخر كي تشمل مهام اليونيفل الحدود اللبنانية السورية لم يؤخذ به أيضا، مشيراً إلى أنه حاليا لا مجال لانتصار وجهة نظر على أخرى والجميع بانتظار التسوية الدولية وانعكاساتها على فلسطين ولبنان.
وعن زيارة هوكشتاين لفرنسا، قال أبو زيد: “ليس من الضروري أن تكون هذه الزيارة هدفها صياغة التعديلات على قرار التمديد لليونيفل لأن الفراغ الرئاسي في لبنان يفرض عدم التعديل ومن هنا سيؤكد المجتمع الدولي على استمرار الأمور على ما هي عليه بانتظار الحل”.
كما استبعد أبو زيد اندلاع الحرب الشاملة والمدمرة على لبنان لما لها من خسائر على الأطراف جميعها، مرجحاً أن تراوح هذه الحرب حدود معينة.
وقال “صحيح أنه في حال توسعت الحرب سيدمر لبنان ولكن أيضاً إسرائيل ستدمر لأن الأماكن الإستراتيجية الإسرائيلية موجودة في المنطقة المحاذية للجنوب اللبناني و”حزب الله” أثبت أن لديه سلاحاً وذخيرة متطورة قادر على تدمير إسرائيل أكثر مما هي تتوقع، كما أنه من المستبعد أن تخوض إسرائيل عدة حروب على أكثر من جبهة في ظل هذه الظروف الإقليمية والداخلية”.
وأشار أبو زيد إلى أن إحدى الصيغ التي يُتَدَاوَل بها في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية أن الحرب ستنتهي في غزة وستُسحب على لبنان في ظل مفاوضات سرية أو علنية لترتيب الأمور على قاعدة تطبيق القرار 1701 لتهدئة الجو، لافتاً إلى أن إسرائيل لن تتوقف عند هذه الحدود فمن المتوقع أن تُجري عمليات خاصة واغتيالات لتقول إن الاستنفار ما زال قائماً إلى حين الانتهاء من الحل الجدي.
ورجح أن يكون هناك هدنة بانتظار حلحلة العقد جميعها إلى حين بلوغ التسوية الشاملة، معتبراً أن الأمور تتطلب وقتاً طويلاً وهناك سباق بين التسوية والتوتر المستمر.