بعد الارتفاع الجنوني في الأقساط… هل أصبح التعليم رفاهية؟

بقلم رفال صبري

لعلّ التعليم من الأشياء القليلة التي كان يتشارك فيها الفقير والغني، وكان العلم بالنّسبة للفقير سلاحه الوحيد في معركة الحياة…
أمّا اليوم لم يعد يبدو الأمر كذلك وقد اختلف الوضع التعليمي اختلافًا جوهريًا من الناحية المادية ومن ناحية الارتفاع الجنوني في الأقساط وذلك خلال سنة واحدة فقط!

ففي ظلّ الثبات المبدئي للدّولار وعدم تفاوت سعر صرفه عن السنة الماضية، إلّا أنّ أسعار الأقساط المدرسية في ارتفاعٍ مستمرّ، وقد قفزت المدارس الخاصة قفزةً ضخمةً من خلال “دولرة” أقساطها بشكلٍ كبير بعد أن كان معظمها ينقسم ما بين الدّولار واللّيرة اللّبنانية في العام الماضي… إذْ وصل معدّل الزيادة إلى 20 و 40 في المئة في معظم المدارس كما واعتمد بعضها الدولرة بشكل كامل.

إنّ المدارس الكبرى وخصوصًا ذات المناهج الأجنبية قد حسمت أمرها منذ البداية بأنّ لا مكان فيها إلا لطلّاب الطبقة الغنية، فمن خلال أقساطها التي نشرتها عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل وُجدت الأرقام خيالية بالنسبة لأصحاب الدّخل المحدود والطبقتين المتوسطة والفقيرة هذا إذا ما قلنا أنّ الطبقة المتوسطة باتت معدومة!

وفي هذا الإطار عبّر “سمير الحلبي” ربّ أسرة وموظّف في إحدى شركات الأمن في بيروت، “عن يأسه من الوضح الحالي للبلاد بشكلٍ عام والوضع التعليمي بشكلٍ خاص إذْ أصبحت المدارس الخاصة بالنسبة إليه عبئًا كبيرًا لا يستطيع تحمّله في ظلّ راتبه المتواضع في حين أنّ الأقساط باتت تفوق ما يتقاضاه خلال سنةٍ كاملة!”
وبغصّة والد عجز عن تأمين رغبة أولاده يتحدّث عن اضطراره إلى نقلهم من مدرستهم الخاصة إلى مدرسة رسمية؛ أي كما قال: “نحو المجهول”…

ولعلّ المعضلة الكبرى تكمن في غياب التّعليم الرسمي الذي يسهّل الطريق أمام المدارس الخاصة في التحكم بالتّسعير والاستغلال كونها الخيار الوحيد لمن أراد العلم، فالمدارس الرّسمية وضعها غير واضح ومصيرها غير مضمون كما كان الحال في السنة الماضية.

من الجدير بالذّكر أنّ خلال العامين الفائتين قد ارتفعت الأقساط من العشرة ملايين ليرة لتلامس أكثر من 80 مليونًا بعضها وفق سعر الصرف وأخرى حصرًا بالدّولار وذلك دون التطرق طبعًا إلى أسعار النقل التي تحلّق يومًا بعد يوم مع ارتفاع سعر المحروقات التي تشكّل حملًا إضافيًّا على عاتق الأهل خصوصًا العاملين منهم الذّين لا خيار آخر لديهم سوى مواصلات المدرسة.

وفي هذا الصّدد، كان لا بُدّ من البحث عن مدارس خاصّة ما زالت تستقبل تلامذة من جميع الطّبقات وتوفّر العلم للجميع على حدّ سواء، فوقع الاختيار على ماحدى المادرس الخاصة في إقليم الخروب لمديرها ومشرفها العام “أيمن عمر” الّذي أعرب عن “استمرار سعيه نحو الحفاظ على العلم وتوفيره لجميع الفئات وعدم جعله حكرًا على طبقة معينة. فوفقًا ل “عمر” إنّ العلم لا يعرف هوية ولا جنسية ولا يعرف غنيًّا أو فقيرًا فكما الجامع أو الكنيسة هما حقّ لكلّ طالب صلاة، كذلك الأمر بالنسبة للمدرسة ولطالب العلم الذي من حقه أن يتعلم بالطريقة التي تليق به”.

يشير “عمر” إلى أنّ “مدرسته حريصة على وضع أقساط تتلاءم وجميع الطبقات الموجودة كي لا تكون من المتسبّبين في تدمير العلم وتراجع مستواه، فالمال زائل على أية حال أمّا السمعة الطيبة فهي الباقية، وشعاره الرأفة والرحمة بالإنسان الذي لا قدرة له على تعليم أبنائه على الرّغم من الصعوبات التي تواجهه في ظلّ الظروف المادية الحالية”.

وكما يقول المثل: إذا خلْيت خِربِت”، إذًا لا يخلو الأمر من وجود بعض المدارس الّتي لا تزال ترأف بطلّابها وتسعى نحو العلم لا المتاجرة به ولو كانت هذه المدارس قلّة لكنّها تعطي بعض الأمل نحو مستقبل واعد!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top