ماذا تعرف عن اضطراب صورة الجسد؟

بقلم رفال صبري

اضطراب تشوّه صورة الجسم أو ما يُعرف ب “Body dysmorphia”، هو من الاضطرابات الشائعة جدًّا في مجتمعنا وقد يصاب به العديد من الأفراد دون معرفتهم بذلك.
يعتبر من الأمراض النفسية المرتبطة بالتغذية إذْ يستبّب في عدم توقّف المريض عن التفكير في مظهره وشكل جسده خصوصًا من خلال التّركيز على العيوب الموجودة فيه التي قد تكون غير واضحة أو غير موجودة أساسًا لكن المريض يقوم بتصوّرها أو تضخيمها من خلال نظرته في المرآة، غالبًا هذه “العيوب” قد تكون غير مرئية بالنسبة للآخرين لكنها تسبب الإحراج لدى المصاب بالاضطراب.

لعلّ من الأسباب الدافعة نحو الإصابة بهذا الإضطراب هو الإهتمام الزّائد بالرّشاقة والوزن بشكلٍ مفرط ومبالغٍ فيه والإقبال الكثيف نحو مراكز التغذية انطلاقًا من الصورة النمطية التي ينشرها الإعلام عن الجسد والمعايير الخاصة به والتشجيع على منتجات التنحيف والرشاقة ممّا أثر على مفهوم شكل الجسد لدى العديد من الأفراد.
الجدير بالذّكر أنّ المصابين بهذا الإضطراب يعانون من فقدان الشهية العصبي وينظرون إلى أنفسهم على أنهم من ذوي الوزن الزائد رغم شدّة نحافتهم
ويظهر الإنشغال لديهم بصورة الجسد في مجموعة من السلوكيات كالنظر بإمعان
في المرآة، والقيام بقياس الوزن بشكلٍ يوميّ، وسيطرة فكرة الوزن الزائد على ذهنهم.

تُشير “ليال ص. فخرالدّين” أخصائية التغذية المختصّة في معالجة الأمراض المزمنة واضطرابات الأكل، إلى أنّ المصابين باضطرابات الأكل هم أكثر عرضةً لاضطراب تشوهات الجسم، ويعد اضطراب صورة الجسد من الأعراض الشائعة لدى المرضى الذي يعانون من اضطرابات الأكل ومنها: فقدان الشهية العصبي، والشره العصبي.

تشرح “فخرالدين” أنّ فقد الشهية العصبي هو اضطراب في الأكل يتميّز بالسعي الدؤوب للوصول إلى النحافة، والنظرة المشوهة لشكل الجسد والخوف من الإصابة بالسمنة، وذلك من خلال التقليل الشديد لكميات الطعام مما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في وزن الجسم ويلجأ المصابون بهذا النوع إلى الحدّ بشكلٍ مفرط من الاستهلاك الغذائي، وفي بعض الحالات يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى ممارسة الرياضة بشكلٍ مفرط للتخلص من عبء السعرات الحرارية.

أمّا بالنسبة للبوليميا فتشير بدورها “فخرالدّين” إلى أنّها حالة من التخلّص من السعرات الحرارية والوقاية من زيادة الوزن، يقوم المصاب بالتخلص من الطعام بطرق مختلفة، إمّا من خلال التقيّؤ المتعمد أو استخدام المليّنات أو مكملات فقدان الوزن، وقد يلجأ البعض إلى أساليب تعذيبية كالصيام أو اتّباع نظام غذائي قاسٍ و حتّى ممارسة الرّياضة بشكلٍ مفرط.

تعتبر “فخرالدّين” أنّ الجسم ومظهره من الجوانب المهمة في حياة الإنسان وهذا ما يُفسّر ردّات الفعل القاسية حيال صورة الجسد والاهتمام بها والحرص على إظهارها بلا عيوب ولعلّها من فطرة الإنسان، لكن الأمر يصبح وسواسًا وغير طبيعي عندما تصبح صورة الجسد هوسًا لصاحبها ويرى فيها عيوبًا هي في الحقيقة أشياء طبيعيّة.
وصورة الجسد يكونها الفرد في ذهنه لتركيب حجم وشكل الجسم الذي يريده أو الّذي يراه وترتبط العديد من المشاعر بهذه الصورة، وهي صورة ذهينة
إمّا إيجابية وإمّا سلبية يكونها الفرد عن جسمه قد تتحوّل إلى اضطراب في حال المبالغة.

من منّا لا يتأمّل نفسه في المرآة كلّ يوم ويحدّق في جسده محاولًا اكتشاف بعض العيوب فيه ويردّد بينه وبين نفسه عبارات قاسية عن شكله ومظهره لأنّه ليس ضمن المعايير الّتي فرضها علينا المجتمع؟
ليس من العيب أن نهتمّ بشكل جسمنا ولا بمظهرنا، لكن من الخطأ أن نجعل جسدنا محور حياتنا وأن نرغب في جسدٍ مثاليّ لأنّه غير موجود في الحقيقة، الجسد المثالي بدعة اخترعها الإعلام من خلال الإعلانات وبرامج التعديل المستخدمة فيها!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top