يقلم رفال صبري
منذ بدء الأزمة الإقتصادية والتي تغيّر معها وضع المدارس لا سيّما الخاصة منها إذْ أنّ أقساطها ترتفع بشكلٍ جنوني عامًا بعد عام ناهيك عن تكاليف مستلزمات الدراسة من كتب وقرطاسية التي ارتفعت تكلفتها كذلك.
واليوم .. يعاني الأهل من صعوبة بتسجيل أولادهم في المدارس، خصوصًا بعد القلق الذي نشأ جراء فرض المدارس الرسمية قيمة رمزية على التسجيل السنوي بقيمة ٥٠$ للتلميذ الواحد تعادل أحيانًا ثلث رواتب بعد العائلات!!..
وفي هذا السياق أعربت “ج.ع” والدة لطفلين بأنّ قدرتها المادية لا تسمح بدفع حتى المقابل الرمزي للمدرسة الرسمية ولو لا الإعفاء الذي جاء مؤخرًا لكان مصير أطفالها في المجهول حتى أنها حاولت طلب المساعدة من الجمعيات والأفراد لتأمين المبلغ المطلوب دون جدوى قائلةً: “أغلب الناس متل بعض عم بعانو، معاشاتن ما بتكفي أسبوع كيف بدنا نلحق للمدارس”.وهذا يفسّر الواقع المؤلم الذي يعيشه معظم اللبنانيين الذين يعيشون بالحد الأدنى للأجور في ظل الإرتفاع الجنوني لجميع الأسعار والمدفوعات والمستلزمات.فكيف لمواطن يسعى ليلًا نهارًا لتأمين قوت يومه أن ينشغل بتكاليف التعليم الذي من المفترض أن يكون متاحًا للجميع؟
وعلى الضفة المقابلة، يعتبر وضع المدارس الخاصة عبئًا ثقيلًا على عاتق الأهل هذه السنة بشكلٍ كبير، خصوصًا مع فرض قوانين جديدة في البعض منها كإعادة هيكلة البرامج الدراسية والكتب المستخدمة، ممّا جعل الأهل غير قادرين على تأمين الكتب الجديدة بالأسعار المرتفعة.
وفي هذا الإطار تقول “ف.ج” والدة لأربعة أطفال في احدى المدارس الخاصة، بأنّ المدرسة فرضت عليهم تغيير جذري في أنماط الكتب إذْ أنها اعتادت توريدها من طفل لآخر عامًا بعد عام وتبادلها بين أطفالها تجنبًا لشراء الجديد لكن هذه السنة هي مجبرة على شراء كتب جديدة بأسعار خيالية تفوق قدرتها.ولا تزال تبحث هنا وهناك عن المستعمل منها كونها بنصف السعر وربّما أقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولو وجدت الكتاب حتى في مناطق بعيدة.
بالإضافة إلى تحوّل المدارس إلى حقل تجاري يسعى بشتى السبل لجني الأرباح من الأهل بأسلوبٍ أو بآخر، ومن هذه الطرق تغيير الزي المدرسي كل سنة وفرض شرائه بأسعارٍ مرتفعة دون مراعاة للوضع الاقتصادي الحالي. وهكذا تزداد النفقات على عاتق الأهل من هنا وهناك حتى أصبح التعليم عبئًا ثقيلًا يُحسب له ألف حساب.لعلّ بين المدارس الرسمية والخاصة طبقتين اجتماعيتين واحدة معدمة والأخرى على حافة الانهيار، لكن المعاناة واحدة تزداد من سنةٍ دراسية لأخرى دون رحمة، واليوم الوضع أسوء بكثير في ظلّ احتمال استقالة وزير التربية عباس الحلبي، فما مصير العام الدراسي والامتحانات الرسمية إذًا؟ وأين نفسية الطالب من كلّ ذلك؟