كتب عبدالله بارودي
يغادر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى باريس للمشاركة في مؤتمر دعم لبنان الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بهدف الدعوة الى وقف الحرب و اطلاق النار ، دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الدستورية ، الوقوف الى جانب الشعب اللبناني ومدّه بمختلف مقوّمات الصمود و الرعاية..
سعيٌ فرنسي من غير المأمول ان يصل الى نتائج مهمة على صعيد وقف الحرب باعتبار ان هذا الأمر يخرج عن نطاق قدرة فرنسا الحالية على اتخاذه لعدة أسباب منها داخلي يتعلق بالنتائج التشريعية الأخيرة وما أفرزته من قوى حزبية متعددة ، ومن ثم تشكيل حكومة بمطبات عديدة ، ما يعني ان ماكرون لا يستند الى دعم سياسي داخلي حقيقي و قوي ، و قد يفقد السيطرة عليه في أي لحظة حرجة.
و على المستوى الخارجي فصحيح ان الولايات المتحدة الأميركية دخلت في الربع الساعة الأخير لانتخاباتها الرئاسية وانشغال كل دوائرها السياسية و الإدارية فيها ، الا ان هذا الأمر لا يؤثر إطلاقًا على ان القرار النهائي بوقف التصعيد في الشرق الأوسط يعود لواشنطن دون غيرها..
أضف الى ذلك تراجع العلاقة نوعًا ما بين فرنسا وايران من جهة ، وفرنسا واسرائيل من جهة أخرى ، دون ان ننسى في طبيعة الحال عدم توحّد الاتحاد الاوروبي حول رؤية واضحة لمستقبل الصراع في المنطقة وخصوصًا بين المانيا و فرنسا..
كل هذه المعطيات ، لا تشير الى نتائج مأمولة و ملموسة قد تصدر عن مؤتمر باريس -خصوصًا- على الصعيدين السياسي والأمني ، و حصرها بالمساعدات الانسانية المالية و العينية ، اضافة الى ما سيصدر عنه من توصيات تحصّن قدرات الجيش اللبناني في الفترة المقبلة..
مع ذلك ، يغادر الرئيس ميقاتي بيروت بمعنويات عالية ، بعد الدعم و الإحتضان الرسمي و الشعبي الذي حظي به نتيجة مواقفه “السيادية” الأخيرة التي جاءت ردًّا على التصريحات الايرانية الاستفزازية -خصوصًا- الصادرة عن رئيس مجلس الشورى الايراني قاليباف.
مواقف أعادت للبنانيين الثقة بالدولة التي يعيشون فيها وينتمون اليها ، بعدما وصلوا الى حالة من اليأس والاستسلام امام الخضوع الدائم للمشيئة والمصالح الخارجية..
شعروا بأن الدولة أصبح لها “درع و سيف” تواجه من خلاله أعداؤها و خصومها و تفرض عليهم خياراتها و قراراتها المبنية فقط على مصلحتها ومصلحة شعبها..
ثمة من يقول ، يعلم نجيب ميقاتي ان العين عليه ، وبأن أحد لا يحسده على مواقفه ، و المسؤولية الملقاة عليه ، هو يحتاج اليوم أكثر من اي وقت مضى الى دعم عربيّ و دوليّ ليستطيع الاستمرار في هذا الخيار و هذا التحدي.. دون ان ننسى الخطر الأمني!!..
و ضعوا تحت الخطر الأمنيّ ، قدر ما تشاؤون خطوطًا حمراء!!..