كتبت ماري-جو متّى في موقع mtv:
هو الخبر الذي هزّ العالم بأكمله. سقوط نظام الأسد. ذلك النظام النتن الذي تكشّفت أنيابه فور هروب “أسده”. فديكتاتوريّته لم تُخفَ على أحد، بدءاً من قهر الشعب السوري وصولاً إلى مسلسل الإغتيالات في لبنان. ولعلّ مشاهد المعتقلين في السجون السوريّة أكثر ما كشف بشاعة هذا النظام ومن خلفه. وبالرّغم من إيمان الشعبين السوري واللبناني بعدالة السماء أكثر من الأرض، إلّا أنّه لا بدّ أن نسأل، احتراماً لما سقط من دماء على الأقلّ: كيف سيحاكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد؟ وهل لعدالة الأرض أن تتحقّق؟
“القضاء السوري هو الجهة الأولى التي تملك صلاحيّة محاكمة الأسد. وبما أنّ الأخير في روسيا، فإنّ إمكانيّة تسليمه للقضاء السوري صعبة لسببين، سياسي وقانوني”. هذا ما لفت إليه المحامي فاروق المغربي، مضيفاً: “حقوقياً، وبحسب إتّفاقيّة مناهضة التعذيب، فإنّه لا يمكن لأي دولة أن تسلّم أيّاً كان لدولة أخرى في حال كان هذا الشخص سيتعرّض للتعذيب، وطبعاً المؤشّرات متعدّدة وتؤكّد إحتماليّة تعذيب الأسد أو قتله في حال عودته إلى سوريا. كما أنّه لا يوجد عدالة انتقاليّة بعد في سوريا، ما يجعل روسيا كما أي دولة أخرى متردّدة في تسليمه”.
عادةً ما تتمّ محاسبة الرؤساء عبر المحاكم الدوليّة، وتعتبر المحكمة الجنائيّة الدوليّة في لاهاي الجهة القانونيّة التي تتمتّع باختصاص قضائي لمحاكمة الأفراد على الجرائم كالإبادة الجماعيّة وجرائم الحرب. من هنا، يشير المغربي، في حديث لموقع mtv، إلى أنّه “لا يمكن للجنائيّة أن تحاكم الأسد إلّا في الحالات التالية. أوّلها انضمام سوريا إلى المحكمة، مع العلم أنّني أستبعد انضمامها، خصوصاً وأنّ دخولها يجبر الجنائيّة على التحقيق في كلّ الجرائم التي سبق وحدثت هناك. أمّا الحالة الثانية فهي في تشكيل محكمة خاصّة في سوريا، تماماً مثلما حدث في يوغسلافيا، لدرس حالة واحدة لا قضيّة”.
ويتابع: “الحلّ الثالث يكمن في العودة إلى مبدأ الولاية القضائيّة العالميّة الذي حوكم على أساسه ضبّاط سوريّين في ألمانيا وهولّندا وفرنسا كما صدر على أساسه مذكّرة توقيف بحقّ شخصيّات سوريّة عدّة من بينها بشار الأسد وضابط المخابرات السوري السابق علي مملوك”.
انطلاقاً من كلّ ما تقدّم، يختم المغربي: “لا أعتقد أنّ الأسد سيحاكم، فكلّ ما ورد من معطيات يؤكّد أنّ مسار العدالة طويل ويحتاج إلى وقت”.
شأنه شأن الكثير من الطغاة. الفارق الوحيد هو في اسمه. فالأسود لا تهرب عادةً. إلّا أنّ أسدنا اليوم يختبئ كالهرّ خوفاً من المحاكمة. ولكن لا بدّ من المحاكمة. فبحقّ كلّ من اعتقل، وبحقّ كلّ من اغتيل، وبحقّ كلّ أمّ ما زالت تنتظر عودة أسدها… حاكموا الهرّ!