كتب داني حداد في موقع mtv:
افتتح وليد جنبلاط، رسميّاً، موسم الجَدّ الرئاسي أمس، عبر إعلان اللقاء الديمقراطي تأييد انتخاب قائد الجيش رئيساً. استبق جنبلاط الإعلان بإبلاغه “الرفيق القديم” نبيه بري بذلك، ليتلقّى جواباً مفاده “أنت حرّ بخيارك، ولكنّه لا يلزمني”.
حاول جنبلاط إقناع بري بقائد الجيش، انطلاقاً ممّا سمعه من ايمانويل ماكرون، وما سمعه الأخير من دونالد ترامب. رفض بري. حاول جنبلاط أيضاً مع النائب جبران باسيل، عبر رسالةٍ بعث به عبر أحد نوّابه. رفض باسيل. اختار حينها رئيس “الاشتراكي” السابق أن يبادر، وفي ذلك إحراجٌ لكثيرين، أوّلهم رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع الذي أصرّ ممثّله في اجتماع المعارضة أمس على أنّه من المبكر الإعلان عن مرشّح “لأنّ تطوّرات كثيرة منتظرة بعد قبل موعد الجلسة في ٩ كانون الثاني”.
ينسّق “اللقاء الديمقراطي” مع كتلة الاعتدال الوطني التي ستعلن بدورها تأييد انتخاب العماد عون، الذي يتولّى مهمّة التسويق له النائب وائل ابو فاعور الذي كان التحق بجنبلاط في باريس، ثمّ عاد منها ليلتقي عدداً من ممثّلي الكتل النيابيّة، بعيداً عن الإعلام.
إلا هذا التسويق لعون تقابله صلابة في موقف بري الرافض، أكثر من حزب الله، انتخاب قائد الجيش. ويشير مصدر مقرّب من بري الى أنّ “هذا الرفض لا يتّصل بعلاقة عون مع الأميركيّين، بل بأسلوب تعاطيه الشخصي الحادّ ومقاربته الطائفيّة لبعض الملفات”.
ويبدو بري مقتنعاً، وفق المصدر، بأنّ “الولايات المتحدة الأميركيّة لن تضغط من أجل انتخاب عون، لأنّ أولويّتها ليست هويّة الرئيس، خصوصاً بعد أن حقّقت أهدافها الثلاثة وهي إضعاف حزب الله وفصله عن محور الممانعة وتأمين حدودٍ آمنة لإسرائيل”.
سيكون الرفض الشيعي، إن استمرّ، عائقاً أمام انتخاب عون. والسؤال الذي يُطرح هنا، من دون أن يملك أحدٌ جواباً حاسماً عليه هو: هل ستضغط السعوديّة على بري من أجل انتخاب عون؟ وهل سيدخل بري في مواجهة مع السعوديّة، خصوصاً في ظلّ الحاجة الماسّة لإعادة الإعمار؟
يعتبر بعض المتحمّسين لعون أنّ بعض رافضيه اليوم سيبدّلون آراءهم لاحقاً، وفي رأي هؤلاء أنّ “بري يرفع ثمن قبوله من أجل تحقيق مكاسب، وهو سيطالب بـ “سلّة” كاملة تشمل حقيبة وزارة المال وإعادة الإعمار قبل الموافقة”.
كما يراهن هؤلاء على التبديل في موقف الثنائي الشيعي من التمديد لعون، حيث انتقلا من الرفض الى التأييد، وقد يتكرّر الأمر أيضاً في الانتخابات الرئاسيّة.
في موازاة ذلك، توجّهت الأنظار ليل أمس الى ما سيقوله رئيس تيّار المردة سليمان فرنجيّة. وتشير المعلومات إلى أنّ اتّصالات عدّة تلقّاها فرنجيّة طيلة يوم أمس لثنيه عن دعم ترشيح قائد الجيش، وهو ما كان ينوي فعله. وتتحدّث المعلومات عن “وجود انزعاجٍ واضح لدى الثنائي من الأسلوب الذي يعتمده فرنجيّة، إذ يدعم عون نكايةً بباسيل، بينما المطلوب أن يكون الخيار سياسيّاً لا شخصيّاً”.
وعلم موقع mtv أنّ الفريق المقرّب من بري، وعلى رأسه النائب علي حسن خليل، باشر بعمليّة “بوانتاج” تحصي عدد الأصوات التي يمكن أن ينالها مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، الذي بات الخيار الأوّل لدى عددٍ من الكتل. وتشير الحسابات الأوليّة الى أن البيسري قريب من الوصول الى الـ ٦٥ صوتاً، وبلوغ هذا الرقم أسهل من بلوغ رقم الـ ٨٦ صوتاً الذي يحتاج إليه عون.
ويحظى البيسري بدعمٍ قطريّ، ما يعزّز وجهة نظر البعض عن مواجهة سعوديّة – قطريّة محتملة على ساحة الرئاسة اللبنانيّة، ويدفع باتجاه الاعتماد على قطر لإعادة الإعمار، في تكرارٍ لما حصل في العام ٢٠٠٦.
بعد هذا العرض، لا بدّ من السؤال عن جعجع وموقفه. لم يحسم رئيس “القوّات”، حتى الآن، هويّة مرشّحه. وهو باشر، بعيداً عن الإعلام، تواصلاً مع بري عبر قناتَين إحداهما مباشرة. ومن المؤكّد أنّ هذا التواصل، إن حقّق تقدّماً، سيكون حاسماً في تحديد هويّة الرئيس المقبل، في ظلّ كلامٍ في صفوف بعض نوّاب المعارضة عن أنّ مواجهة عون – البيسري، إن انتهت بعدم فوز أحدهما، ستفتح الباب أمام تفاوض يوصل الى تفاهم على مرشّحٍ ثالث. وهنا، قد تنحصر الحظوظ بلائحة من أربعة مرشّحين، لا أكثر.