بقلم وفاء مكارم
يواجه لبنان تحدّيات إقتصادية غير مسبوقة، نظام اقتصادي منهار و نظام مصرفي متهالك، ناهيك عن تداعيات الحرب المدمرة على لبنان و آثارها التي ألقت بثقلها على كاهل الدولة المهترئة و على الشعب المسلوبة ودائعه.
و اليوم مع الآمال الكبيرة المعقودة على جلسة التاسع من كانون الثاني مع قناعة جميع الاطراف الحاجة الماسة ليكون للبنان رئيساً جديداً للجمهورية بأسرع وقت ممكن ترافقه حكومة جديدة فاعلة و قادرة على تخطي المشاكل المتراكمة، ما هي أبرز التحديات الاقتصادية للمرحلة القادمة؟ وكيف يمكن النهوض بالبلد بعد كل هذا الركود الاقتصادي؟
يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور أنطوان فرح أن أمام الرئيس الجديد و الحكومة الجديدة تحدي اقتصادي كبير يتعلق بالخطة الشاملة للتعافي من الأزمة المالية التي أصابت لبنان منذ عام 2019 بالإضافة خطة للخروج من تداعيات و أضرار الحرب و تعويض الخسائر و إعادة الاعمار.
و يشير فرح إلى أن من التحديات المهمة للرئيس المقبل و الحكومة التفاوض مع حاملي اليورو بوند لحل مسألة الدين الخارجي مع إعادة هيكلة الدين و ذلك بعد إعداد خطة التعافي الاقتصادي لما تؤثر إيجاباً في تسهيل العملية، داعياً لإعادة إحياء مسألة التنقيب عن النفط.
و يعتبر فرح أن هناك حاجة و ضرورة للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لأن سمعة لبنان في السنوات السابقة كانت سيئة للغاية و لا يمكنه القيام بأي تعافي اقتصادي دون الاتفاق مع الصندوق مع إعادة النظر بالخطوط العريضة التي سبق وتم الاتفاق عليها لان الوضع تغير الآن، لافتاً إلى أن هدف هذا الاتفاق الحصول على ختم يمنح البلد الثقة للتعامل معه أكثر من فكرة الحصول على الأموال.
و في مسألة جلب الاستثمارات، يلفت فرح إلى أن تنفيذ خطة التعافي و القيام بالإصلاحات و إعادة الاعمار و التنقيب عن النفط هم ركائز لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية على حد سواء.
و يشير فرح إلى أن أموال المودعين هي المشكلة الأساسية في خطة التعافي، مشدداً على ان حل هذه الأزمة لن يتم دون أن تتحمل الدولة مسؤوليتها و ان تكون شريك في الحلّ لنتمكن من إعادة الأموال لأصحابها.
ويقول فرح: “في حال تمت خطة التعافي و تحسن الوضع الاقتصادي في البلد من البديهي أن يتأثر سعر صرف العملة حيث يرتفع سعر صرف الليرة و يتراجع سعر صرف الدولار، و لكن يبدو أن هناك حرص في هذا العام لعدم تغيير سعر الصرف”.
و يربط فرح هجمة المصارف على الليرة اللبنانية بالشح الحاصل في السوق، مشيراً إلى أن المصارف اضطرت الاقتراض من بعضها البعض في المراحل السابقة بفوائد عالية جداً وصل بعضها الى 130%، و ان ما تفعله المصارف اليوم من طلب الليرة مقابل فوائد عالية هدفه تقليل كلفة الفائدة عليها. لكن هذا الإجراء مؤقت وسيتوقف فور اتخاذ مصرف لبنان قرار تكبير الكتلة النقدية بالليرة.
من جهته، يعتبر رئيس تجمع الشركات اللبنانية الدكتور باسم بواب أن من أهم التحديات التي تواجه رئيس الجمهورية المقبل و معه الحكومة الجديدة هو إعادة النظر بإتفاق النفط و أي بلوك سيتم التنقيب فيه، لافتاً إلى أن لبنان سيحصل على حصة قد تكون عبارة عن دفعة مسبقة توضع في المصرف المركزي، أما الحصة الأكبر ستكون للولايات المتحدة فيما فرنسا لن تحصل على حصة أو دور كما كانت في السابق، كما سيكون هناك حصة صغيرة لقطر.
أما بالنسبة لإعادة الإعمار يلفت بواب إلى أن التكلفة قدرت ب ٧ مليار دولار و لبنان وحده غير قادر على التمويل، لذلك لا بد من تأمين المساعدات من المجتمع الدولي و الدول العربية. و هذا الأمر مرهون بهوية الرئيس المقبل و الحكومة القادمة!..
و على صعيد المصارف، من أبرز الأهداف إعادة هيكلة المصارف لتعود الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها، لافتاً إلى ضرورة إعادة أموال المودعين، اما من أموال المصارف في الخارج أو من مصرف لبنان.
ويشير بواب إلى أن سقوط النظام السوري يحمل ايجابيات للاقتصاد اللبناني حيث ستتمكن المدن والقرى الحدودية من المساهمة بإعادة إعمار سوريا، قائلاً: “لدينا الكثير من القدرات و الطاقات و الخدمات التي نستطيع تقديمها لسوريا”.
و عن الحركة التجارية اللبنانية من و الى أو عبر سوريا، يؤكد بواب أن الأمر سيسوى خلال الأيام القليلة القادمة على صعيد الحركة التجارية و المدنية خاصة أن الإدارة السورية الجديدة ستضع قانون جديد للجمارك خلال أيام لتتمكن البضائع من المرور من و الى و عبر سوريا بسلاسة.
و حول إمكانية تحسين سعر صرف الليرة، يؤكد بواب أن الأمر غير وارد و لا عوامل متوافرة حالياً لذلك سيّما أن اقتصاد لبنان بات “مدولرًا” بشكل كامل، لافتاً الى أن لا مصلحة لأحد بتغيير سعر صرف الليرة صعوداً او نزولاً .
و يختم بواب أن كل التحدّيات الاقتصادية يمكن أن تكون بسيطة بحال تأمن القرار السياسي الذي بات قريباً.