
يعاني لبنان من أزمة جفاف غير مسبوقة، مع انخفاض معدلات هطول الأمطار إلى مستويات تاريخية، مما ينعكس سلبًا على الحياة اليومية، كما أنه يثير مخاوف من تداعيات كارثية على مختلف القطاعات.
من المعروف بأن لبنان يتمتع بموارد مائية وفيرة، إلا أن الأشهر الماضية شهدت شحاً غير معهود في الأمطار، ما جعل اللبنانيين يواجهون أزمة مائية خانقة، تُهدد الزراعة وإمدادات المياه الجوفية وتزيد من خطر اندلاع الحرائق خلال فصل الصيف.
ضمن الإطار المذكور، نسب الخبراء هذا الجفاف إلى سيطرة المرتفعات الجوية على المنطقة، مما منع وصول المنخفضات الفعالة عبر المسار التقليدي (تركيا – قبرص – لبنان). وبدلًا من ذلك، جاءت المنخفضات عبر مصر وشمال إفريقيا، حيث فقدت برودتها ورطوبتها قبل وصولها إلى لبنان، ما أدى إلى تساقط أمطار خفيفة سرعان ما اختفت.كذلك، ساهمت هذه التغيرات المناخية في تقليص فترة الشتاء لصالح تمدد فصول الصيف والربيع، مما يُظهر نمطًا مناخيًا غير مألوف يهدد بتغيرات بيئية دائمة.
في المقابل، وحسب الإحصاءات، فإن موسم الشتاء الحالي يُعد من بين الأسوأ خلال الـ 80 عامًا الماضية، حيث سجلت الأمطار في بيروت 260 ملم فقط مقارنةً بالمعدل الطبيعي البالغ 530-540 ملم، بينما لم تتجاوز في زحلة 150 ملم من أصل 405 ملم، ما يؤكد أن لبنان يعاني من موسم مطري ضعيف للغاية. حتى العاصفة الثلجية القادمة، التي أُطلق عليها اسم “أسيل”، لن تكون كافية لتعويض هذا العجز، إذ من المتوقع أن تستمر لنحو 30 ساعة فقط بين الأربعاء والخميس، قبل أن تعود الأجواء إلى حالتها غير المستقرة.
وأخيراً، مع بقاء شباط وآذار كآخر أمل لتعويض نقص المتساقطات، تبدو التوقعات غير مطمئنة، حيث يُتوقع أن تبقى نسبة الأمطار أقل من المعدل الطبيعي بنحو 40%. وحتى لو شهدنا هطولات متأخرة، فإن ذلك لن يكون كافيًا لإنقاذ الموسم الزراعي، ما يُنذر بصيف شديد الحرارة ونقص حاد في المياه. كل هذه التغيرات تدفع للتساؤل: هل فقد لبنان مناخه التقليدي؟ وهل نحن أمام نمط جديد من الفصول حيث يزداد الصيف طولًا على حساب الشتاء؟ يبدو أن الإجابة ليست بعيدة، وأن التغيرات المناخية باتت تفرض واقعًا جديدًا لا يمكن تجاهله.
المصدر: Mtv، كريستال النوار