
جنى دبليز – ديموقراطيا نيوز
فجّر قرار النائب العام التمييزي جمال الحجار بركة ملف تفجير الرابع من آب الراكدة، ناقضًا حكم سلفه غسان عويدات.ليعيد بذلك التعاون مع المحقق العدلي طارق البيطار.
هذه الخطوة أحدثت صدمة إيجابية، خصوصًا بعد أن أطبقت الأيادي الخفية قبضتها على مسار العدالة، وحققت مبتغاها بتكميم صوت الحق وتجميد التحقيقات خمسة عشر شهرًا قسرًا.
الحجار بين الإصلاح والطموح
تشير الصحافية المتخصصة بالشؤون القضائية، فرح منصور، إلى أن عوامل شتى تضافرت لدفع القاضي جمال الحجار إلى اتخاذ قراره الأخير، وفي مقدمتها تلك التقلبات العاصفة التي يشهدها المناخ السياسي اللبناني. وترى منصور في هذا القرار فاتحة عهد جديد نحو تطبيق حزمة من الإصلاحات القضائية. وتتابع موضحة: “الفضل الأكبر لهذا القرار يعود إلى قوة الدفع التي أحدثها الثنائي سلام – عون، اللذين جعلا تطبيق روحية خطاب القسم والبيان الوزاري على رأس أولوياتهما، والسعي إلى حلحلة الملفات القضائية الشائكة، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بالتعامل مع الملف الذي يستحوذ على اهتمام اللبنانيين جميعا.”
كما يتزامن هذا التغيير مع الضغط المتزايد في ملف التعيينات والتشكيلات القضائية المرتقبة، والتي تتطلب تعيين قضاة أصيلين لملء المناصب الرفيعة الشاغرة منذ ثماني سنوات. وتوضح منصور: “فالقاضي حجار نفسه يشغل منصبه بالتكليف، ولم يعين رسميا لظروف شغور سدة الرئاسة آنذاك. وتجري حاليًا عملية اختيار و ترشيح الأسماء الأوفر حظًا لتولي هذا المنصب الرفيع، الذي يوليه القضاة أهمية عاتية، وهو من حصة الطائفة السنية.”
وتختتم منصور حديثها قائلة: “أعتقد شخصيا أن الحجار أقدم على هذه الخطوة بهدف تثبيت موقعه حتى نيسان 2026.”
مسار التحقيقات والإجراءات القانونية
فيما يتعلق بإصدار القرار الظني، تشرح منصور: “يفترض إصداره في نيسان 2025، وكان من المفترض أن يصدر في نهاية العام الفائت، إلا أن الحرب حالت دون ذلك، في ظل القصف الذي طال محيط قصر العدل في الطيونة.”
وتغوص في التقنيات القانونية للملف: “قسم القاضي بيطار ملف التحقيقات إلى ثلاث مراحل: شباط، آذار، نيسان. ونحن في صلب مرحلة منتصف نيسان، حيث تعقد الجلسات وتستكمل الاستجوابات.
ثم ننتقل إلى المرحلة الأخيرة التي تتضمن استجواب موظفي الدولة رفيعي المستوى من قضاة، ضباط، وقادة أمنيين (أمثال طوني صليبا وعباس إبراهيم)، بالإضافة إلى السياسيين والوزراء (أمثال حسان دياب وعلي حسن خليل).
بمجرد انتهاء المرحلة الأخيرة وجلسات الاستجواب، وفي حال حضور المدعى عليهم ومثولهم أمام البيطار، فإنه سيصدر قراره الظني. يختم البيطار ملفه ليرفعه إلى النيابة العامة التمييزية، (وهنا تكمن أهمية قرار استئناف التعاون بين القاضيين بيطار وحجار.) فعلى النيابة العامة التمييزية بدورها مطالعة الملف، وعلى أساسه يتم إصدار القرار الظني، ثم يحول الملف إلى المجلس العدلي.”
البيطار والعراقيل
تؤكد منصور أن القضايا المرفوعة ضد القاضي بيطار لن تعرقل مسار التحقيقات. فالبت في القضايا المرفوعة ضده معلق حاليًا بسبب حل الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وهي الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في هذه القضايا.
وبالتالي، هناك حاجة ملحة لتعيينات قضائية جديدة للبت في هذه الدعاوى، خاصة دعاوى المخاصمة. و تشير التوقعات إلى قرب إجراء تعيينات قضائية شاملة لتغطية جميع المناصب الشاغرة في قصور العدل، و سيتم اختيار قضاة من مختلف الفئات العمرية، أي ضخ دماء جديدة في الجسم القضائي.
الإجراءات بحق المدعى عليهم
توضح منصور أنه فيما يتعلق بالإجراءات المحتملة ضد المدعى عليهم، يحق للقاضي بيطار اتخاذ إجراءات (إصدار مذكرات توقيف حضورية أو غيابية) بحق أي من المدعى عليهم في القضية، سواء حضروا أمامه أم امتنعوا عن ذلك. كما أن استئناف التعاون بين القاضيين الحجار والبيطار يلزم النيابة العامة التمييزية بتنفيذ هذه الإجراءات.
التعيينات القضائية المرتقبة
تؤكد منصور أن التعيينات القضائية و الأمنية المرتقبة تلقي بظلالها على مسار العدالة. فالتشكيلات التي عطلها فيتو الرئيس السابق ميشال عون عام 2017، أدت إلى تراكم القضايا وتأخير البت فيها، خاصة مع تحمل كل قاض مسؤولية ثلاث أو أربع محاكم.
و قد انعكس هذا الضغط على أوضاع السجون، مما فاقم الأعباء والضغوط، وتسبب في ارتفاع عدد المساجين المحتجزين دون محاكمات.
لذا، فإن التعديلات القضائية تمثل محطة إيجابية للعهد الجديد، نحو تعيين قضاة مستقلين في المناصب العليا، متحررين من قبضة الساسة، وترسيخ مبدأ فصل السلطات من خلال تطبيق الدستور.
كما تتمعن منصور في سبر المعضلات القضائية، مكملة: “تتجزأ التشكيلات القضائية إلى شقين: ملء الشواغر في المراكز الأساسية والحيوية (المدعي العام المالي، والمدعي العام التمييزي، والمدعي العام في جبل لبنان)، على أن يشغلها قضاة أصيلون، أي الذين يتم تعيينهم بموافقة من مجلس الوزراء. والجزء الجوهري الذي سيتم البت فيه أولا: انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، الذي بدوره يقوم بالتشكيلات القضائية. وقد زاد انحلال مجلس القضاء الأعلى من حراجة الوضع، بفعل خروج قسم من القضاة من الخدمة، مع إحالتهم إلى التقاعد. ناهيك عن شغور سدة الرئاسة الجمهورية الذي عطل انتخاب من ينوب عنهم.