الأسعار تواصل ارتفاعها في لبنان والرواتب ثابتة.. أزمة معيشية خانقة

تشهد الأسواق اللبنانية موجة ارتفاع غير مسبوقة في الأسعار، خاصةً في قطاع الغذاء. مما زاد الضغوط على العائلات التي تواجه تحديات اقتصادية هائلة بعد انهيار الاقتصاد. ورغم ثبات سعر صرف الدولار بين آذار 2024 وآذار 2025، إلا أن الأسعار ارتفعت بنسبة تتراوح بين 18 و20%، وفق الباحث محمد شمس الدين. وأصبحت الأسرة اللبنانية المكوّنة من أربعة أفراد تحتاج إلى أكثر من أربعين مليون ليرة شهريًا للعيش الكريم. مما يزيد من معاناة المواطنين.

ضمن الإطار المذكور، إن ارتفاع الأسعار طال أيضًا مائدة رمضان. تكلفة الأطباق الأساسية مثل الفتوش شهدت بعض التراجع بسبب انخفاض أسعار بعض الخضار. لكن إجمالي تكلفة مائدة الإفطار ارتفعت بنسبة 20%. إذ بلغت العام الماضي مليونًا ونصف مليون ليرة، بينما لا تقل اليوم عن مليون وثمانمئة ألف ليرة. الأسباب متعددة، منها الضرائب الجديدة، ارتفاع كلفة النقل والتأمين، وزيادة أسعار السلع المستوردة. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد ترتفع الأسعار بشكل أكبر خلال عام 2025، ما يفاقم الأزمة المعيشية.

إن التحدي الأكبر يبقى في ثبات الرواتب والأجور رغم الارتفاع المستمر في الأسعار. فالخدمات العامة بدورها أصبحت أكثر كلفةً، فمثلًا ارتفع اشتراك المياه من 13.2 مليون ليرة العام الماضي إلى 16.2 مليون ليرة، رغم أنها غير صالحة للشرب. ما يضطر العائلات لشراء المياه بتكاليف إضافية تصل إلى 600 ألف ليرة أسبوعيًا. ومع استمرار تراجع الخدمات، يلجأ المواطن إلى البدائل الخاصة، ما يزيد الضغوط المالية عليه.

في المقابل، تشير الدراسات تشير إلى أن 70% من اللبنانيين عاجزون عن تأمين الحاجات الأساسية. مما يدفعهم إلى بيع ممتلكاتهم، الاعتماد على التحويلات الخارجية، أو اللجوء إلى المساعدات. ومع تراجع الناتج المحلي، انخفض متوسط الدخل الفردي من 700 دولار شهريًا عام 2018 إلى 475 دولارًا اليوم، ما يفسر تسريح الموظفين من الشركات الخاصة أو تراجع قدرة المؤسسات على دفع رواتب مناسبة.

المشكلة لا تكمن فقط في تراجع الرواتب، بل في خطورة اتخاذ قرارات غير مدروسة لزيادتها. رفع الحد الأدنى للأجور دون قدرة القطاع الخاص أو الدولة على تمويله سيؤدي إلى تسريح موظفين أو دفعهم نحو الاقتصاد غير الرسمي، حيث لا يتم التصريح عنهم رسميًا. كما أن أي محاولة لرفع الرواتب في القطاع العام دون توفير مصادر تمويل واضحة ستؤدي إلى تفاقم العجز المالي، مما يهدد الاحتياطي النقدي المتبقي في مصرف لبنان والبالغ 10 مليارات دولار، بعد أن كان 90 مليارًا.

الحل لا يكون بزيادة الأجور دون نمو اقتصادي حقيقي، بل بتفكيك الاحتكارات التي تعيق الإنتاج. انقطاع الكهرباء، ضعف الإنترنت، وارتفاع تكلفة السفر إلى لبنان كلّها عوامل تؤثر على الصناعة، الزراعة، والتكنولوجيا. مما يحد من فرص العمل ويُضعف القدرة على تحسين الرواتب. لا يمكن تجاوز هذه الأزمة دون إطلاق عجلة الإنتاج وزيادة الدخل الوطني، لأن أي زيادة غير مدروسة للرواتب ستؤدي إلى تفاقم البطالة، الفقر، وانهيار أكبر في سعر الصرف.

المصدر: نداء الوطن، رماح هاشم

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: