
تسعى الدولة اللبنانية إلى معالجة ملف السلاح الفلسطيني عبر الطرق السلمية، وسط محاولات بعض الأطراف لاستغلاله كورقة تفاوض. في المقابل، تتلاقى السلطة الفلسطينية مع لبنان في جهوده لبسط سيادته وضبط الأمن داخل المخيمات.
الدور السوري وتأثيره على الملف الفلسطيني
على مدى نصف قرن، استخدم النظام السوري الورقة الفلسطينية في مفاوضاته مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما عمل على إنهاك الدول العربية عبر دعم الانقسامات داخل منظمة التحرير الفلسطينية واستهداف حركة فتح. ورغم المصالحة اللبنانية – الفلسطينية بعد انتهاء الحرب، استمر النظام السوري في دعم الفصائل المنشقة، ما عزز انتشار السلاح خارج المخيمات.
سيطرة الجيش اللبناني على مواقع الفصائل المسلحة
بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الأول 2024. تمكن الجيش اللبناني من فرض سيطرته على مواقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، إلى جانب تنظيمات أخرى. وأكدت الدولة اللبنانية، في خطاب القسم، التزامها بحل قضية السلاح غير الشرعي، سواء داخل المخيمات أو خارجها. ومع ذلك، لم تفلح المحاولات السابقة في معالجة هذا الملف بشكل نهائي.
تصنيف الدولة للسلاح الفلسطيني
اتبعت الدولة اللبنانية نهجًا تدريجيًا في معالجة ملف السلاح، فصنّفته إلى سلاح داخل المخيمات وخارجها. ووضعت آلية واضحة لمصادرة أي سلاح يقع جنوب نهر الليطاني، سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً، بينما يبقى ملف السلاح في شمال الليطاني، خاصة داخل مخيم عين الحلوة، أكثر تعقيدًا.
عين الحلوة.. مخيم خارج السيطرة
يسيطر تنظيم فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية على معظم المخيمات، باستثناء مخيم عين الحلوة، الذي يشهد تعقيدات أمنية وسياسية متداخلة. فالمخيم يضم مجموعات إسلامية متشددة، وعناصر استخباراتية، إضافة إلى مطلوبين فارين من العدالة. ويعكس هذا الواقع الصراع الفلسطيني الداخلي، ما يجعل التعامل معه أكثر حساسية.
تفاهم لبناني – فلسطيني لإنهاء الأزمة
هناك توافق بين الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية على ضرورة إيجاد حلول جذرية لملف المخيمات. وخلال لقاء جمع الرئيس اللبناني جوزاف عون بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكدت السلطة الفلسطينية التزامها بالشرعية اللبنانية، وحماية الفلسطينيين، والتمسك بحق العودة، مما يعزز التعاون المشترك لمعالجة الأزمات الأمنية.
مخيم عين الحلوة بين الحل السياسي والعسكري
يعتبر ملف مخيم عين الحلوة عبئًا على الفلسطينيين قبل اللبنانيين. ورغم محاولات فتح الحسم عسكريًا، واجهت هذه الخطوة عراقيل داخلية وخارجية. وتشدد المصادر الرسمية على أن معالجة هذا الملف ستتم بعد إنهاء أزمة الجنوب، حيث تسعى الدولة اللبنانية إلى إيجاد حل سياسي بمظلة عربية، مع إبقاء كل الخيارات مفتوحة في حال فشل المساعي الدبلوماسية.
ضرورة ضبط نشاط التنظيمات المسلحة
تشير المعطيات إلى محاولات بعض الجهات تحريك المخيمات لتحقيق مكاسب سياسية. وتواجه الدولة اللبنانية تحديًا في ضبط تحركات حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللتين لا تعترفان بسيادة الدولة اللبنانية، وتتصرفان وكأن لا سلطة رسمية في البلاد. وحصل الفصيلان سابقًا على دعم بعض الجماعات السلفية، قبل أن يدخل حزب الله على الخط. ويطالب العديد من الجهات بإنهاء وجودهما في لبنان، فيما تزداد المخاوف داخل المخيمات من تداعيات تصعيد محتمل.
آفاق الحلول المستقبلية
المباحثات التي بدأت في القاهرة بين الرئيسين عون وعباس قد تُستكمل في بيروت، لكن حتى الآن، لا موعد رسمي لزيارة عباس إلى لبنان. ومع ذلك، يبقى هناك توافق لبناني – فلسطيني على ضرورة تفادي أي فتنة بين المخيمات ومحيطها، وحماية الشرعية اللبنانية، وإنهاء البؤر الأمنية الخارجة عن القانون، بما يضمن استقرار المخيمات والجوار اللبناني.
المصدر: نداء الوطن، آلان سركيس