
يشهد ملف الودائع المصرفية في لبنان تطورات إيجابية بعد لقاء بنّاء بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، ما خفّف من مخاوف المودعين. ضمن الإطار المذكور، أكّد وزير المال ياسين جابر عدم وجود نية لشطب الودائع، في وقت استقرت احتياطات مصرف لبنان عند 10.5 مليار دولار مع نهاية شباط. وارتفعت أسعار سندات اليوروبوند إلى أعلى مستوياتها منذ خمس سنوات، ما عزّز التفاؤل بعودة الاستقرار المالي.
رغم ذلك، تبقى آلية استرداد الودائع غير واضحة، ولن يبدأ البحث الجدي في هذا الملف قبل تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في نهاية آذار. ويشير الخبير الاقتصادي محمود جباعي إلى أن الحلّ يتطلّب دراسة دقيقة، تحديد المسؤوليات، وإنشاء صندوق خاص لمعرفة كيفية تصرف الدولة، مصرف لبنان، والمصارف بالأموال، وتحديد المبالغ المستحقة لكل طرف. ويكشف عن خطة لردّ الودائع التي تقلّ عن 100 ألف دولار نقدًا، بينما يجري البحث في آلية لاسترجاع المبالغ التي تتجاوز هذا الحد. وذلك مع طرح فكرة استخدام سندات متحرّكة (Virtual Bonds) كجزء من الحلّ.
في المقابل، يبلغ إجمالي الودائع المتبقية للمودعين 86 مليار دولار، مقسّمة بين 40 مليار دولار تعود لمن يملكون ودائع بالفريش دولار قبل 31 تشرين الأول 2019، و46 مليار دولار نشأت بعد الأزمة، من ضمنها 16 مليار دولار حُوّلت من الليرة إلى الدولار. ورغم أن التعميم 166 سهّل عمليات سحب جزء من هذه الأموال، إلا أن آلية استكمال السحب لم تُحسم بعد. ويقترح جباعي إعادة تقييم سعر الشيكات لحظة شرائها، ومعاملة أصحاب التعويضات بآلية مختلفة كونهم من صغار المودعين.
من ناحية أخرى، يحمل الاتجاه العام يحمل إشارات إيجابية، لكن الحلّ النهائي يتطلّب إصلاحات مالية واقتصادية شاملة. ويؤكد جباعي أن الاتفاق مع صندوق النقد سيمنح لبنان الثقة المالية المطلوبة، ويُخرجه من اللائحة الرمادية. ما يُمهّد لتعافٍ اقتصادي تدريجي. ويرى أن الحلّ يكمن في تكبير حجم الاقتصاد عبر الخصخصة بنموذج BOT أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، ما يزيد الناتج المحلي ويرفع الإيرادات. يمكن استثمار جزء من هذه العائدات، إضافة إلى أصول مصرف لبنان والمصارف، في إعادة أموال المودعين.
وأخيراً، تبقى الأولوية اليوم لتعيين حاكم مصرف لبنان الجديد، يليها الاتفاق مع صندوق النقد وإطلاق الإصلاحات الضرورية. تمهيدًا لوضع آلية واضحة لاستعادة الودائع وضمان حقوق المودعين ضمن خطة مالية شاملة ومستدامة.
المصدر: Mtv، مريم حرب