
بقلم خالد صالح
يُحكى أنّ “سياسيًا” بنى علاقةً ودّية مع إحدى “الراقصات” بعيدًا عن أعين الناس، وتطوّرت العلاقة بينهما إلى علاقة غرامية وحميمية حيث بلغ الوله منهما مبلغًا عظيمًا، الأمر الذي جعل “السياسي” يُفكر جدّيًا في الارتباط الرسمي بهذه الراقصة والزواج منها ..
طلبَ من مرافقيه وحرسه الشخصي أن يقوموا باستقصاء المعلومات عنها التي لم يعلمها حتى اللحظة، وفورًا انطلقوا في رحلة البحث عن أيّ معلومة جديدة عنها، وبعد مضي عدة أيام استفقدهم “السياسي” وشعر أن غيبتهم طالت، فاستدعاهم للسؤال عن سبب التأخير وعن نتيجة المهمة الموكلة إليهم .
فقالوا له: يا سيّدي لسنا ندري ماذا نُخبرك ؟، حصيلة المعلومات التي جمعناها حتى اللحظة تؤكد على سيرتها الحسنة وأخلاقها الحميدة، لكن جيرانها ومعارفها أوضحوا لنا أنها تغيّرت كثيرًا في الآونة الأخيرة وبدت أخلاقها تتردّى، وعندما استفسروا عن السبب تبيّن لهم أنها قد تعرّفت مؤخرًا على رجل “سياسي”، وهذا الرجل معروف في الأواسط كلّها بأنه رجل “فاسد” ومتورط في نصف قضايا الفساد في البلاد، وهذه هي فقط النقطة السوداء في سجلّها..
حفروا حفرة !!
يبدو أن جمعية “كلنا إرادة” دخلت في مأزق لم تكن تعتقد يومًا أنها ذاهبة إليه، خصوصًا بعدما بلغ تماديها في الكثير من الملفات مبلغًا كبيرًا، وتحديدًا في برنامجها الذي بات معروفًا كـ “محامي الدفاع” عن المصارف و “ديناصوراتها”، والهدف هو شطب أموال المودعين، وبات اسم “كلنا إرادة” على كل شفة ولسان وحتى أمام القضاء، فهل صارت “بلا إرادة” وعاجزة عن المواجهة بعدما سقطت أقنعتها وانكشف أمرها ؟ ..
ثمّة الكثير من الأسئلة التي تُطرح منذ أن أبصرت هذه الجمعية النور وأسهمت بشكل فعّال في تشكيل رافعة اعلامية ومالية هائلة خلال حراك 17 تشرين، وجنت ثمار ما خططت له من خلال وصول بعض مرشحيها إلى المجلس النيابي، ومؤخرًا استطاعت نتيجة “الدكّة الرخوة” لرئيس الحكومة نواف سلام أن تفرض بعض الأسماء في تشكليته الوزارية، إذ تبيّن أنها من صلب “المنظومة” التي تغنّت كثيرًا في مواجهتها خلال السنوات القليلة الماضية .
اليوم بدأت “كلنا إرادة” تعيش حالة من التخبّط وانتقلت من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع، وسقط عنها قناع “الاصلاح” و “مكافحة الفساد”، ولم تعد تُمثل صوت الاصلاحيين ودخلت في اختبار حقيقي لقدراتها وموقعها، فوقعت في “الحفرة” ذاتها التي حفرتها للطبقة السياسية، وذهبت “كرهًا” إلى خانة المساومات لتحصين موقعها والحفاظ على المكاسب والمراكز التي تحصّلت عليها، خصوصًا أننا أمام استحقاقين مفصليين الانتخابات البلدية والاختيارية الشهر المقبل والانتخابات النيابية ربيع الـ 2026.
عناوين فضفاضة فارغة
لم يعد بوسع جمعية “كلنا إرادة” التغنّي بأنها “جهة صدامية” مع مرتكبي الفساد في لبنان، ولم يعد بوسعها أن ترفع سقف التحديات في وجههم والتمسّك بمواقفها التصعيدية، لأنها باتت “عارية” من تلك العناوين الفضفاضة، إذ بدا للرأي العام اللبناني أنها عناوين برّاقة ليس إلا وفارغة، وما هي إلا كـ “ذر الرماد في العيون” لحجب الأنظار عن حقيقتها، وأجبرت إثر ذلك للخروج من عرينها لحماية نفسها .
دخلت “كلنا إرادة” منطق المساومة وصارت مكشوفة كليًا، هذا الفعل سيجعلها تفقد مصداقيتها أمام جمهورها الذي ظهر كـ “المخدوع” بها، وما شهدناه في الآونة الأخيرة يُظهر أنها أمام اختبار جدّي ومصيري في آن، لأنها حقيقتها ظهرت كـ “أداة سياسية” وليست كيانًا منفصلا يملك أدوات المواجهة والصمود، ولم يعد بوسعها الإدعاء أنها ملتزمة بالاصلاح السياسي .
كانت “كلنا إرادة” تُشبه إلى حدّ التطابق تلك “الراقصة” ذات السيرة الحسنة والسمعة الطيبة، إلا أنّ النقطة السوداء الوحيدة في سجلها أنها على ارتباط بـ “سياسي و مصرفي” معروف بضلوعه في جرائم فساد لا تعد ولا تحصى، وأنها تلعب دور “محامي الشيطان” في رحلة “شطب الودائع” واعتبارها “غير مقدسة” .
لن تتمكّن “كلنا إرادة” من استعادة قوتها السابقة ولن يكون بوسعها مرة أخرى من تحقيق التأثير الإيجابي الذي حققته بعد 17 تشرين، فقد لامستها تهم الفساد أو الضلوع في حماية الفاسدين، وباتت مسيرتها “عرجاء” وواضحة أمام الملأ، والأيام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بتحديد مسار هذه الجمعية مرة أخرى، فهل ستبقى “الراقصة” على علاقة مع “السياسي” أم أنها ستعود إلى سيرتها الأولى؟ .