
لا تزال الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس في واجهة المشهد اللبناني، حاملةً معها رسائل صارمة من واشنطن عنوانها العريض: الاستقرار مقابل التفكيك الكامل لبنية “حزب الله”. فبين الترغيب بالدعم والترهيب بالعقوبات، تسلّمت السلطات اللبنانية حزمة مطالب لا تحتمل التأجيل، وأُبلغت بجديّة ما ينتظرها في حال المماطلة.
ففي 5 آذار الماضي، أقرّ الكونغرس الأميركي مشروع قانون رقم 1844، المعروف باسم “قانون بيجر 6”، والذي ينص على سلسلة من العقوبات القاسية، لا تزال بانتظار توقيع البيت الأبيض. أورتاغوس، في زياراتها، أطلعت المسؤولين اللبنانيين على تفاصيل القانون، مؤكدة أنّ واشنطن تعتمد هذه المرة نهجاً جديداً: لا قوائم مغلقة، بل لائحة عقوبات مفتوحة قد تشمل المئات.
ووفق المعلومات، تجاوز عدد الأسماء اللبنانية المدرجة في مسودة العقوبات 720 اسماً، من بينهم شخصيات رسمية وسياسية، ليس بالضرورة على ارتباط مباشر بـ”حزب الله” أو إيران، بل منخرطون في مؤسسات الدولة.
القانون، بحسب الموفدة الأميركية، لا يترك مجالاً للمناورة. فالمساعدات العسكرية الأميركية للبنان ستكون مشروطة بإعلان صريح من وزير الخارجية الأميركي أمام الكونغرس بعدم اعتراف الحكومة اللبنانية و”النواب” بشرعيّة “حزب الله” أو أي تحالف سياسي معه، إضافة إلى نزع سلاحه بشكل كامل وفقاً لقرار مجلس الأمن 1559.
ويُشترط أيضاً منع أي تعاون بين الجيش اللبناني و”حزب الله” أو أي منظمة تصنّفها واشنطن إرهابية، كما يجب تدمير أو تفكيك أي سلاح إيراني الصنع داخل لبنان، وهو ما يفسّر تكثيف الجيش عملياته لتفجير مخزونات الذخيرة في الجنوب وغيرها من المناطق.
أما على الصعيد القضائي، فيرفض القانون الاعتراف بأي ملاحقات لبنانية أو أوامر توقيف تطال مواطنين أميركيين عبّروا عن معارضتهم لـ”حزب الله”، بمن فيهم صحافيون شاركوا في برامج تتناول الشأن الإسرائيلي.
ويلزم القانون الإدارة الأميركية بإعداد تقرير دوري كل 180 يوماً حول نفوذ “حزب الله” وإيران في المؤسسات اللبنانية، من ضمنها وزارة الدفاع، في إطار رقابة مشددة ومستدامة.
الأخطر في القانون، أنه يجمّد أي تمويل أميركي لبرامج دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن عبر الأمم المتحدة، إذا ما ثبت تورط عناصر أمنية في التعاون مع جهات مصنّفة إرهابية.
وفي ظل هذا الضغط، بات واضحاً أن مشروع العقوبات ليس نهاية المطاف، بل مجرد بداية لمسار طويل من المحاسبة. فالمطلوب أميركياً واضح: لا دعم بلا تفكيك لبنية “حزب الله”، ولا إصلاح من دون تحييد لبنان عن المحور الإيراني. الرسالة وصلت… والكرة باتت في ملعب الدولة.
المصدر : آلان سركيس ، نداء الوطن