
يتجسد الدعم العربي للبنان من خلال عودة نشاط الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الذي أعلن عن عزمه استئناف عملياته في لبنان بعد انقطاع دام عامين. سيقدم الصندوق تمويلات لمشاريع تنموية واقتصادية وقروض ميسرة وهبات جديدة، على أن يتولى هو نفسه إجراء دراسات الجدوى للمشاريع الممولة بدلاً من الحكومة اللبنانية.
من الواضح أن هناك عزماً جاداً لدى رئيس الجمهورية والحكومة لمعالجة ملف الكهرباء في لبنان بشكل جذري، حيث يُعتبر هذا الملف الأولوية الرئيسية عند البحث في المساعدات أو القروض أو الهبات المحتملة من المجتمعين الدولي والعربي. فقد تم توقيع اتفاقية قرض مع البنك الدولي مؤخراً بقيمة 250 مليون دولار لمعالجة أزمة الكهرباء، بينما اجتمع وفد من الصندوق العربي مع المسؤولين اللبنانيين لمناقشة المشاريع التنموية التي يحتاجها لبنان، وكان ملف الكهرباء من أبرز المواضيع المطروحة. ورغم طرح العديد من المشاريع، إلا أن التركيز كان واضحاً على مجالي الكهرباء والمياه، خصوصاً مشروع الليطاني والبنية التحتية في المناطق المتضررة.
من جانبه، يعتبر الصندوق أن هناك فرصة جديدة في لبنان يمكن استغلالها لتعزيز البرامج التنموية ودعم لبنان في المرحلة القادمة، خاصةً مع دعم أكبر المساهمين في الصندوق، مثل السعودية والكويت. ويبدو أن هناك انفصالاً بين الجوانب الفنية والسياسية في الملفات المطروحة، وفقاً لتصريحات رئيس الصندوق. لذلك، يعتزم الصندوق تقديم دعم للبنان عبر قروض ميسرة وهبات لدعم المشاريع التنموية.
يعد الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي من أكبر الممولين العرب في لبنان، حيث يقدم قروضاً ميسرة تعد الأقل كلفة مقارنة مع الصناديق التنموية الأخرى. ومن المتوقع أن يبدأ الصندوق بتقديم الدعم للبنان في قطاع الكهرباء، حيث أشار رئيس الصندوق إلى أن تكلفة الإنتاج الحالية أعلى من مشاريع جديدة مثل الطاقة الشمسية، التي تتمتع بميزة توفير الكهرباء بشكل مستمر وتقليل تكلفة الكهرباء للمستهلك اللبناني، مما سيكون له تأثير إيجابي على النشاط الاقتصادي.
وأشار مصدر حكومي إلى أن الأجواء الإيجابية التي سادت خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن في الشهر الماضي قد تُرجمت اليوم بإعلان الصندوق العربي عن عودته إلى لبنان. كما أن الجدية التي أبدتها الحكومة اللبنانية في اجتماعات صندوق النقد جعلت العديد من الجهات الممولة، مثل الصندوق العربي، تتحرك بشكل إيجابي تجاه لبنان.
وأضاف المصدر أن عودة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لتقديم الدعم لمشاريع التنمية هي خطوة هامة، خاصة بعد تمويله العديد من المشاريع الكبرى في لبنان في قطاعات مختلفة، بما في ذلك تحسين البنية التحتية. كما أن اشتراط الصندوق أن يتولى هو دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع يُعد جزءاً من الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي.
في السنوات العشر الماضية، قدّم الصندوق تمويلاً بحوالى نصف مليار دولار، شمل قروضاً ميسرة لعدة مشاريع تنموية، مثل مشروع مرافق الصرف الصحي في حوض الليطاني الشمالي والأوسط، ومشروع الإسكان المرحلة الثانية، بالإضافة إلى هبات ومساعدات متعددة.
تاريخياً، استثمرت السعودية أكثر من 70 مليار دولار في لبنان بين عامي 1990 و2015 عبر استثمارات، منح، قروض، هبات ومساعدات، مما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت عودة الصندوق العربي تمثل بداية جديدة للدعم السعودي للبنان.
المصدر:رنيه سعرتي نداء الوطن