
تصدر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا واجهة المشهد السياسي، معلناً انطلاقة مرحلة جديدة في دمشق ستترك بصماتها بشكل حتمي على لبنان، وتنعكس عليه في أكثر من مجال.
من المتوقع أن يستفيد لبنان من هذا القرار بشكل إيجابي، بعدما أثقلت العقوبات، وعلى رأسها “قانون قيصر”، كاهله في مختلف القطاعات. إذ أن الانفتاح الدولي على سوريا سيعيد تفعيل الربط بين لبنان وخط أنابيب النفط العراقي، وخط الفايبر أوبتيك، بالإضافة إلى تسهيل استجرار الغاز من الأردن، وإحياء خطوط الترانزيت نحو دول الخليج، ما سينعكس انتعاشاً على قطاعات الإنتاج، الزراعية منها والصناعية، عبر تحفيز الاستيراد والتصدير.
رغم الإيجابيات المرتقبة، تبقى بعض الهواجس قائمة، خصوصاً في حال لم يواكب لبنان هذه المرحلة بإصلاحات فعلية وبمواجهة جدية للفساد، إلى جانب ضرورة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية، كشرط أساسي لاستعادة الثقة الدولية.
ويؤكد الدكتور أنيس أبو دياب، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، في حديث لموقع MTV، أن “ميزان الإيجابيات يفوق بكثير السلبيات”، مشيراً إلى أن لبنان كان من أكثر المتضررين من العقوبات، لاسيما بسبب منع التعامل بالدولار في السوق السورية الرسمية، ما ولّد ضغطاً اقتصادياً على لبنان. أما اليوم، فإن زوال هذه القيود سيشكل متنفساً حقيقياً.
لكن أبو دياب لا يغفل بعض التداعيات السلبية المحتملة، منها تراجع أهمية مطار بيروت الذي كان البوابة الجوية الرئيسية لسوريا خلال سنوات الحرب، خصوصاً مع ضعف حركة الطيران السوري. ومع فتح الأجواء السورية مجدداً، قد تتقلص هذه الحركة. لكنه يرى أن السياحة العربية إلى لبنان قد تعوض هذا التراجع.
ويضيف أن السياحة في سوريا قد تزدهر في حال استقرت الأوضاع الأمنية، ما قد يخلق منافسة للبنان، نظراً لغنى سوريا بالمواقع الأثرية وشاطئها الطويل على المتوسط. إلا أن هذا التحدي، بحسب رأيه، يمكن تجاوزه من خلال التعاون السياحي وتسهيل حركة السياح بين البلدين.
أما في ما يتعلق بالمرافئ، فيطمئن أبو دياب بأن مرفأي بيروت وطرابلس لن يتأثرا سلباً، بل على العكس، فإن إعادة إعمار سوريا قد ترفع من وتيرة استخدامهما، خصوصاً أن بيروت أقرب جغرافياً إلى دمشق من مرافئ سوريا، التي لا تزال تعاني من ضعف الربط مع الشبكات الدولية. ويُتوقع أن يشهد مرفأ طرابلس أيضاً نشاطاً متزايداً، في ظل بطء انفتاح مرافئ طرطوس واللاذقية.
وفي الجانب المالي، يشير أبو دياب إلى احتمال تراجع التحويلات المالية التي تمر عبر لبنان نحو سوريا، لكنه يرى أن هذا الأثر سيكون مؤقتاً، نظراً لغياب نظام مالي متكامل في سوريا حالياً. ويمكن للبنان، بفضل وجود بنية مصرفية قائمة في سوريا منذ عام 2003، أن يستفيد من هذا الانفتاح تدريجياً.
في المحصّلة، الفرص الإيجابية تفوق التحديات، شرط أن يتحرك لبنان سريعاً ويواكب التحولات الجارية في الإقليم، لضمان موقع فاعل في المرحلة المقبلة وعدم تفويت فرص قد لا تتكرر.
المصدر: نادر حجاز – mtv