خطأ “حزب الله” المميت:مكرّر..غير معدَّل!

بقلم جوزاف وهبه

يقول الشيخ نعيم قاسم، أمين حزب الله المختبئ في مكان ما، أنّ المقاومة الإسلاميّة (ما غيرها..) في جهوزيّة تامّة للردّ على الإعتداءات اليوميّة، ويكمل “نحن قادرون على هزيمة إسرائيل” التي تستهدف مستوعات الأسلحة (كما في النبطيّة..)، وتستهدف صرّافي ومموّلي الحزب (كما في اغتيال هيثم عبدالله بكري وولديه وهو رئيس شبكة “الصادق” للصرافة، إضافة إلى اغتيال القائد في الحرس الثوري بهنام شهرياري الذي يدير عمليات تحويل الأموال بين إيران ولبنان..)، وتنفّذ ما يشبه الإعدامات بحقّ العناصر الحزبيين الذين يتحرّكون في بلدات وقرى الجنوب (تجاوز عددهم ال 500 عنصر منذ إعلان وقف إطلاق النار)!
النائب إيهاب حماده يعود إلى معزوفة “الإستراتيجية الدفاعيّة” كأنّ شيئاً لم يكن، وكأنّنا لم نزل في زمن حسن نصرالله (وأصبعه التهديدي الشهير) يتلو على مسامعنا، كما في ذكرى أيّام عاشوراء الحاليّة، سرديّاته المطوّلة عن القدرات العجائبيّة للمئة ألف صاروخ والمئة ألف مقاتل، وعن توازن الرعب بين بيروت وتل أبيب، وعن النصر الإلهي الآتي على صهوة “المهدي المنتظر” زحفاً زحفاً في الطريق إلى القدس، وللصلاة في المسجد الأقصى تحت رايات “المرشد الأعلى” الصفراء..ويضيف حماده شروطه كمنتصر:”نحن منفتحون على مناقشة الإستراتيجية الدفاعية، ولكن بعد التحرير، وبعد بدء إعادة الإعمار، وبعد تمكين الجيش اللبناني”.كلّ ذلك في استعادة خشبيّة لمعادلات ما قبل حرب الإسناد، وحرب إسرائيل التي أطاحت بكامل قيادات الحزب وقدراته العسكرية وموازين القوى بين الطرفين!
الإعلامي الكبير “بوب” (ابراهيم الأمين) رئيس تحرير جريدة “الأخبار” لم يعد يجد غير التهويل بالحرب الأهليّة (كما جاء في افتتاحية عدد الإثنين 30 حزيران) إذا لم يكفّ اللبنانيون عن المطالبة بما أسماه “مزحة” سحب سلاح المقاومة، وكأنّه خارج للتوّ من إجتماعه الأسبوعي مع نصرالله وهاشم صفي الدين وفؤاد شكر وابراهيم عقيل ووسام الطويل وغيرهم من الذين صنعوا على مدى ربع قرن أسطورة الحزب الذي لا يُقهر، وطيور أبابيل الذين يقاتلون والملائكة الذين تحدّث عنهم الشيخ قاسم – في حديثه الأخير – كمكوّن أساسي من مقوّمات استعادة الحزب لعافيته القتالية والعسكرية!
يعيش الحزب (ويريدنا، مرّة جديدة، أن نشاركه أوهام هذا العيش) حالة انفصام غير مسبوقة في أبجديّة العلم العسكري:
-كيف يمكن لتنظيم عسكري خسر ما خسره، في البشر والسلاح والحجر والإنكشاف الأمني الفضائحي أن يعاود الكرّة في العناد والمكابرة، ما سيؤدّي حتماً إلى “كوارث” ليس عليه فقط، بل على بيئته الحاضنة، وعلى كلّ لبنان الذي يعاني إقتصاده ممّا يعانيه من ركود وانهيار؟
-كيف يمكن التمسّك بسلاح أثبت، بمئات الشهداء وبالدمار الكامل لآلاف الأبنية بما فيها قرى وبلدات عن بكرة أبيها، أنّه عاجز عن مواجهة التفوّق الإسرائيلي، وهو في عزّ قيادته وقدرته، فكيف الحال بعد أن تحوّلت جميع عناصر قوّته المفترضة “هباءً منثوراً”؟
-ماذا يمكن للحزب أن يقدّم، بعد، لأهالي الشهداء الذين سقطوا، والذين يمكن لهم أن يسقطوا، تحت شعار “وحدة الساحات” بعد أن تخلّت صانعة الشعار عن الإلتزام به، لا في غزّة الخمسين ألف شهيد، ولا في جنوب وضاحية الموت والركام والغصّة في الحلق؟
-إلى متى تبقى “غيبيّات” الرواية الدينية المتداولة منذ 1400 سنة، تستلب وعينا وعقولنا كأنّها “ما بعد السحر” كما جاء في مقالة الكاتب حازم صاغيّة، بمعنى أنّنا قد تجاوزنا كلّ حالات الإنخطاف والهذيان في نوع من الإستسلام إلى قدر محتوم ومحكوم بالخسارة والموت والعدم؟
-إلى متى ندفع ثمن جريمة لم نرتكبها، وسلاح لم ينفع أهله بشيء، وإلى متى نبقى أسرى أقلّية مذعورة وموتورة تقودنا إلى حيث لا نريد، تختار لنا حياة لا تشبهنا، تُغطّي على حاضرنا ومستقبلنا بكلّ ما تملكه من رايات وأفكار سوداء وصفراء، وتجعل من البلد “حقل تجارب” لمهديّ نعرف أنّه لن يأتي، ولنصر لن نتذوّق طعمه، ولتفوّق مفترض طمرته قنابل “الشيطان الأكبر” في فوردو ونظنط وأصفهان؟
-إلى متى نبقى رهائن عند أهواء نعيم قاسم وابراهيم الأمين وإيهاب حماده ووفيق صفا ومحمود قمّاطي وأشباههم من الممانعين الذين يطمرون رؤوسهم في رمال عبارات “الطريق إلى القدس، والشهيد السعيد، والسلاح زينة الرجال..”؟
لقد حان الوقت كي ينتفض العهد الجديد، أقلّه برئيسيه جوزاف عون ونوّاف سلام، إذا ما كان الرئيس الثالث لا يزال يُغلّب ثنائيّته على لبنانيّته.وحان الوقت كي نضع حدّاً فاصلاً بين الدولة وما تبقّى من الدويلة.حان الوقت لوضع جدول زمني لسلاح الحزب والسلاح الفلسطيني..وليخض “بوب” حربه الأهليّة، مع مَن يشاء!!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top