كتبت نبيلة عواد في “نداء الوطن”:
لم يزعج رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد إسرائيل مؤخراً إلا بتأمين عبور الأسلحة من إيران إلى “حزب الله”. كيف لا وهو مدين لـ”الحزب” ببقائه في الحكم. إن فتح الحدود لـ”الحزب” وتسهيل وصول الأسلحة إليه كان حاجة لأنه يقاتل إلى جانب النظام في سوريا ونوعاً من “رد الجميل” مع المحافظة على اتفاق “الخطوط الحمر” بينه وبين اسرائيل وعدم تدخله بأي شكل من الأشكال في الصراع الدائر في الجنوب.
لعب الأسد دور التلميذ الشاطر طيلة فترة حكمه، صرف النظر عن جبهة الجولان، والتزم باتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع إسرائيل ونسي “القضية الفلسطينية”.
إن استخدام سوريا كمعبر إمداد لـ”حزب الله” رصدته اسرائيل، تغاضت عن الأمر بداية لأنها كانت مهتمة ببقاء النظام السوري وأي تغير في الحكم في سوريا لن يطمئن الإسرائيليين من منطلق مقولة “شر نعرفه أفضل من خيرٍ لا نعرفه”. بدأت إسرائيل رويداً بضرب أهداف لـ”حزب الله” في العمق السوري محافظة على قواعد الاشتباك في لبنان. و على الرغم من تزايد عدد الضربات الإسرائيلية في سوريا مستهدفة شاحنات لـ”الحزب” أو حتى مخازن، إلا أن النظام السوري لم يحرك ساكناً، ضارباً بعرض الحائط سيادة سوريا وحق الرد، في رسالة واضحة من بشار الأسد أن أي مواجهة لسوريا مع إسرائيل ليست مطروحة. لكن ألم يتيقن “حزب الله” حينها، أي قبل 7 تشرين الأول 2023، من أن النظام السوري سيقف متفرجاً عند حصول أي مواجهة مع إسرائيل؟ ربما أيقن ولم يهتم باعتبار أن أحداً لم يتوقع هذه الحرب الهمجية على “حزب الله” في أيلول الفائت حتى “الحزب” نفسه.
كل ذلك كان قبل 7 تشرين الأول 2023، بعده تبدل المشهد. إسرائيل لم تعد تقبل بأي تهديد أو إمكانية تهديد لأمنها. أجهزت على “حزب الله”، وضعت أمنها الذي اهتز أمام الداخل والعالم أولوية، وبدأت تنفيذ مخططاتها. بشار الأسد اختبأ خلف الحائط لأكثر من عام. لم يكثرت لمبدأ جبهات الإسناد أو وحدة الساحات، أبقى الحدود سائبة لـ “حزب الله” متفرجاً ومترقباً. روسيا “مش فاضيتلو”، إيران تضمن مصالحها، والدول العربية كانت قد بدأت تصحيح العلاقات مع دمشق وخصوصاً الإمارات العربية المتحدة، لذا الوقت ليس مناسباً لتوتير العلاقات مجدداً.
لكن ما خفي عن بشار الأسد “الذكي”، أن اسرائيل نفد صبرها جراء سياسات المحور التي تهدد أمنها وتفتعل الحروب كل فترة. وإيران ليست المعنية وحدها. كشر الذئب الإسرائيلي عن أنيابه، وبدأ نهش المحور. نظام الأسد لم يعد ملائماً لإسرائيل، ولا أي ذراع لإيران، ووصول التطرف إلى الحكم في سوريا لم يعد يخيف الغرب ولا نتنياهو، خصوصاً بعد اعتبارهم تجربة التحالف الدولي في القضاء على “داعش” ناجحة. ترامب ليس بايدن، فالإدارة الأميركية الجديدة أكثر حزماً وحسماً، وترامب صديق بوتين، “ما رح يزعلو” في أوكرانيا… أمام كل هذه المتغيرات وغيرها طار الأسد كالأرنب!