بقلم وفاء مكارم
فور سقوط نظام بشار الاسد في سوريا سارع أهالي المساجين الإسلاميين للاعتصام والمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم، فصحيح ان البعض أخطأ ولعلهم أخطأوا كثيراً خاصةً في التعرض للجيش اللبناني الذي هو خط أحمر عند الجميع، ولكن لكل جرم حكم إلا في لبنان حيث يضيع حق المُعتدى عليه والمُعتدي على حد سواء، فكيف يمكننا ان نقبل ان يقبع في السجون من لم يرتكب جرماً أو أن يمضي المُرتكب سنوات إضافية على الحكم المفروض لما ارتكبه، أوليس هذا ظلماً؟!..
و في المقلب الآخر كيف يمكن ان نقبل بعفو عام يُطلق سراح الصالح و الطالح، البريء و المجرم على قاعدة عفا الله عما فعل!
من هنا، يؤكد النائب سجيع عطية في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” ان مشروع قانون العفو العام الذي يقترحه تكتل الاعتدال يشمل المساجين الاسلاميين و المسيحيين و لا يقتصر على فئة معينة بل هو عام و شامل، لافتاً الى ان بعض المساجين الاسلاميين سجنوا أكثر من الفترة التي يُفترض أن يقضوها كما ان البعض منهم لم يُبت حتى الآن بأحكامهم.
ويعتبر عطية ان ما يجري مع المساجين الاسلاميين هو ظلم، مشيراً الى انه علينا ان نستدرك من الضغط الشعبي الحاصل في سوريا و التغيير السياسي لذلك من الحكمة ان نقدم كتكتل هذا القانون، مضيفاً: “ان الحق العسكري له حساباته الخاصة، وان القانون المقترح لا يعني ان يُعفى عن القتلة بل سيكون القانون مدروساً و آخذاً بعين الاعتبار كل حالة على حدى وفق الاصول .
و عن امكانية حصول القانون على الاكثرية النيابية، يقول عطية: “من واجبنا تقديم اقتراح القانون و الأغلبية هي التي ستقرر، و اذا كان القانون مدروساً بشكل جيد يمكن ان يحصل على الاكثرية خاصة ان كان يحفظ حق المُعتدي والمُعتدى عليه، لافتاً الى ان “فترة الاعياد قد تؤخر الجلسة و لكن نعمل الى ان يكون البحث بالقانون في أول جلسة تشريعية يتم عقدها”.
وعن اعتبار البعض أن المساجين الاسلاميين خطيرين، يشدّد عطية على ان هذه وجهة نظر و علينا احترامها خاصةً بعد اعتداء بعضهم على الجيش اللبناني، و لكن لا يمكن ان نشمل الجميع غير ان بعض المساجين قضوا سنوات إضافية على الحكم المفترض لجرمهم كما ان بعضهم مظلومون .
وحول امكانية محاكمة المساجين الاسلاميين، يشير عطية الى ان المشكلة تكمن في القضاء حيث تكدست القضايا بعد وباء كورونا و مشاكل البلد غير ان السجون لم تعد تستوعب أعداد المساجين و من الحكمة ان يوضع هذا الملف على الطاولة، مشدداً على ان الامر يحتاج الى رويّة لتصنيف الحالات و دراسة وضعها، قائلاً: ” أنا شخصياً أرفض ان يُبرأ من قتل عسكري بل يمكن ان يُخفّض حكمه .
بدوره، يؤكد النائب فادي كرم في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” ان لا موقف حتى الآن للقوات اللبنانية من طرح القانون الذي سيقدمه تكتل الاعتدال لعدم معرفة مضمونه، لافتاً الى انه لا يجوز ان يبقى في السجون مساجين بلا أحكام لان هذا ظلم و كيفية البت بأمرهم يحتاج الى البحث.
و عن اعتبار البعض للمساجين الاسلاميين انهم خطيرين وان خروجهم من السجن قد يهدد الامن و الاستقرار، يشير كرم الى انه لا يمكن ان نحكم عليهم بالنيّات فنحن نطالب بدولة القانون ، فإما ان يكون هذا الشخص مرتكب لجرم واما ان يكون بريء.
و ان كان هناك خطر ما ستتكفل الاجهزة الامنية بتقديم تقارير تحسم الامر و على اساسها يتم أخذ القرار فلا يمكن ان نحتجز شخصًا لمجرد الشك انه خطير.
و حول الخوف من اي عمل انقلابي بعد خروج المساجين الاسلاميين من السجون أسوةً لما حصل في سوريا، لفت كرم الى ان هذا الخوف ليس في مكانه و الأجهزة الامنية فاعلة و تقوم بواجباتها، معتبراً ان هذا الخطر غير موجود في لبنان غير ان اطلاق سراح المساجين السوريين بحال أقر عفو عام يحتاج للبحث أيضاً.
و من المنحى القانوني، يؤمد المحامي علي عباس في حديث خاص لـ “ديموقراطيا نيوز” انه إن كان الحديث يتم عن عفو عام فهو لا يميّز بين المساجين بل يكون بموجب قانون يتناول الجميع، لافتاً الى انه هناك احتمال آخر يمكن القيام به هو تسريع محاكمات المساجين الاسلاميين وإخلاء سبيل من قضى على سجنه فترة طويلة تجاوزت المدة المقبولة للتوقيف الاحتياطي.
و يشير عباس الى انه اذا اعتبرنا انهم أخلّوا بالامن او شكلوا عصابة يتم توقيفهم إحتياطياً لمدة 6 أشهر وقد تمدد 6 أشهر وبعدها يكون القضاء مُلزم بإخلاء سبيلهم الى حين صدور الحكم بحقهم و لا يمكنه ان يتم توقيفهم كل هذه المدة احتياطياً، و لكن في لبنان تم تعديل القانون حيث تم اعتبار ان في حالة جريمة الارهاب لا حدّ زمني معيّن للتوقيف الاحتياطي ، و بالتالي يتم ترك المساجين موقوفين لسنوات دون صدور اي حكم بحقهم.
و يرى عباس ان هذا الامر ظالم بحيث يمكن ان يكون من بين الموقوفين أشخاص غير مرتكبين لجرم فلا يمكن تركهم موقوفين في حين ان القضاء لا يقوم بواجباته في اصدار الاحكام بحقهم وعلينا ان نكون واقعيين ومنطقيين، فلا يمكن ان نضع اشخاص في السجون دون اعطائهم الحق في الدفاع عن انفسهم واعطائهم محاكمات عادلة وسريعة، لافتاً الى ان ما يحصل هو حجز حرية اكثر مما هو توقيف.
و يشير عباس الى ان للعفو العام عدة اوجه، فهو يمكن ان يشمل جرائم معينة ضمن تاريخ معين او ان يكون عفو عام يتم خلاله تقصير المدة السجنية حيث يتم احتساب المدة التي قضاها السجين وعلى خلفيتها يتم اطلاق سراحه، لافتاً الى ان الافضل هو ان يتم تسريع المحاكمات والبت بالقرارات واطلاق سراح من يتوجه اطلاق سراحه.
وعن توجيه اصابع الاتهام الى القضاء في عدم اجراء المحاكمات للمساجين الاسلاميين، يقول عباس ان القضاة يتذرعون ان هناك صعوبة لاجراء هذه المحاكمات للاسباب الامنية التي تتعلق بعملية نقل هؤلاء المساجين.
غير ان هناك محكمة في رومية أنشأت لتسريع محاكمة المساجين الاسلاميين إلا أنه لا يم تفعيلها، داعياً لإعادة تفعيلها و اجراء ورشة عمل سريعة استثنائية تجرى فيها محاكمات سريعة لهم يتم خلالها اطلاق سراح من هو بريء واصدار الحكم بمن هو مرتكب غير انه من المفترض ان هؤلاء قضوا مدة احكامهم في فترة توقيفهم.
و يختم عباس انه لا يمكن اجراء عفو عام في ظل غياب رئيس للجمهورية، حيث ان دور مجلس النواب ان ينص القانون الذي يحتاج الى توقيع الرئيس ليصبح نافذاً، لافتاً الى انه قد تلجأ الحكومة الى حصد كل الأصوات في مجلس الوزراء لإقرار القانون، ولكن ستكون سابق قانونية فيما خص قوانين العفو العام.