كتب عبدالله بارودي
اسبوعان مرّ على توقيف أمل شعبان و يبدو ان “الحبل على الجرّار”، بعد القرار الصادر بالأمس عن الهيئة الإتهامية كهيئة استئناف بقبول استئناف النيابة العامة المالية، ما يعني عدم تصديق قرار قاضي التحقيق بإخلاء سبيل شعبان واستمرار توقيفها، واعادة الأوراق والملف مجدّدًا اليه لمتابعة تحقيقاته.
“ديمقراطيا نيوز” استجمع المعطيات والمعلومات والتي آثر عدم الإعلان عنها احترامًا للقضاء وثقة به والتزامًا بمبدأ سرية التحقيقات.
لكن ومع وصول الأمور الى هذا المستوى من الكيدية الصارخة ومع ارتفاع منسوب الظلم والقهر الى أعلى مستوياته، كان لا بدّ من التدخل ولعب دورنا الأساسي في كشف ملابسات هذه القضية أمام الرأي العام اللبناني، وبعدها نترك الحكم له !..
ولنبدأ بسرد وقائع القضية من ساعاتها الأخيرة، فرغم ان كل المستندات والأدلة وشهادة الشهود أثبتت بما لا يدّع من شك براءة شعبان من التهم الموجهة اليها، وخصوصًا بعد ان استمع قاضي التحقيق الى المدعى عليهم الذين تراجعوا عن أقوالهم وأولهم( ر .ب) وهو الموظف في مكتب شعبان الذي بدّل بشهادته وافادته التي أدلى بها امام فرع المعلومات، مؤكدًا أمام قاضي التحقيق بأن شعبان لا تتقاضى أي رشاوي لا نقدًا ولا عينًا، وظهر في نهاية التحقيقات معه ان شعبان لا تقبض أي أموال مقابل الافادات ولا حتى ورقة بيضاء، صادقة وليست متساهلة، ولا تقبل الهدايا!..
كل هذه المعطيات استدعت من قاضي التحقيق ان يصدر قرارًا بإخلاء سبيل شعبان خلافًا لرأي النيابة العامة المالية، الا ان الأخيرة استأنفت قراره امام الهيئة الاتهامية ( وهو أمر مفهوم بالنسبة لرجال القانون بإعتبار ان النيابة العامة تستأنف دائمًا باعتبارها تمثل الحق العام)، ليصدر قرار الهيئة كما ذكرنا بقبول الاستئتاف واستمرار توقيف شعبان..
فلماذا هذا الإصرار على توقيف شعبان؟ وما هو الهدف منه؟
منذ حوالي ٣ أشهر وبحسب مصادر مطلعة كان هناك نيّة مبيّتة في وزارة التربية لنقل شعبان من منصبها كرئيسة دائرة المعادلات لأسباب تتعلق بقضية “ملف الطلبة العراقيين” بحيث يبدو وكما تؤكد المصادر ل”ديمقراطيا نيوز” أن شعبان وقفت ك”حجر عثرة” بوجه الاسراع في انهاء هذا الملف، بعد ان وصل عدد المعاملات الى ١٢ الف معاملة، وأصرّت ان تسير الأمور بشكل نظاميّ وقانونيّ!..
فبحسب القانون لا يمكن لاي طالب أجنبي ان يتقدم بطلب معادلة لشهادته الا بحضوره شخصيًا وبحوزته جواز سفره، ويمنع توكيل أي شخص بهذه المهمة مهما بلغت درجة قرابته لصاحب الطلب.
وكانت هذه الطلبات تقدّم في مكتب شعبان، ومع ازدياد العدد بشكل مضطرد تم تنظيم العمل من قبل شعبان فأصبحت الطلبات تقدّم في القنصلية العراقية، ويتمّ ارسال جدول يومي ( ٥٠ شخص) لضبط العملية.
الا ان عدد الملفات بدأ يصل الى أرقام قياسية فحاولت شعبان السيطرة على هذا الوضع وتنظيمه من خلال وضع بروتوكول وتأسيس منصة لانجاز هذه الملفات بأسرع وقت ممكن خصوصًا مع فصلها لموظفين اكتشفت بأنهم يقبضون أموالًا لقاء تسلّمهم ملفات دون حضور أصحابها شخصيًا، فجرى معاقبتهم ونقلهم الى أماكن عمل أخرى!..
ومع وصول عدد الملفات الى ١٢ الف طلب ازداد الضغط وبدأت تتوسع محاولات رشي الموظفين، فقامت شعبان بارسال عدة كتب الى وزير التربية و المدير العام -وهو الامر الموثّق- تطالب فيها بالتدخل فورًا ووضع حدّ لما يحصل، لكن ومع ذلك، لم يتمّ اتخاذ أي اجراء!..
في ١٢ كانون الأول الماضي وبحسب نفس المصادر وصل الملف الى قاضي التحقيق، وفي ٢٧ منه ارسل المدعي العام المالي الى قاضي التحقيق طالبًا منه استجواب امل شعبان والتحقيق معها، وتمّ تحديد الجلسة ب ٤ كانون الثاني ٢٠٢٤. الا ان المفاجئ وبما يخالف الإجراءات القضائية قامت النيابة العامة المالية وبنفس اليوم اي في ٢٧ كانون الأول بالإتصال بمدير عام وزارة التربية طالبة منه ارسال رئيسة الدائرة شعبان للتحقيق معها، ليتم فتح محضر مستقل توقفت على اثره!!..
فكيف يمكن للنيابة العامة ان تستعيد ملفًّا وضعته بعهدة قاضي التحقيق؟
وما هو الأمر الطارئ الذي استدعى أصلًا استدعاء شعبان بنفس اليوم وعدم انتظار وقت الجلسة المحدّد امام قاضي التحقيق في ٤ كانون الثاني؟؟..
وتشير المعلومات، الى ان وزير التربية وخلال الأيام او حتى الساعات القليلة المقبلة بصدد اصدار قرار بإقالة شعبان وتعيين مكانها السيدة( ه.خ)، وهي من أبرز القيادات في “التيار الوطني الحر” ومن المقربين جدًا لوزير التربية، وذلك قبل حتى انتظار ختم التحقيق مع شعبان وصدور القرار النهائي، علمًا ان الوزير الحلبي نفسه كلّف الموظف (ج.د) بمتابعة تسيير عمل الدائرة طوال مدة توقيف شعبان فما الذي تغيّر !..
ثمة من يقول، ان التهمة الموجهة الى شعبان هي قبض رشاوي عن ٦ او ٩ معادلات في العام ٢٠٢٠، ( القيمة زهيدة)، فما الذي منع شعبان قبل سنة ٢٠٢٠ وبعدها من الاستمرار في عملية قبض الرشاوي؟..
ثمة حقيقة راسخة تتداول في أروقة الوزارة، ان الهدف الحقيقي من كل ما يجري ازاحة أمل شعبان من مكانها واستكمال هذا الملف من دون ضجيج!..