المساعي تُسابق التّصعيد… فهل تنجح؟

جاء في جريدة “الأنباء” الالكترونيّة:

الحدث الأبرز أمس كان في لاهاي، حيث بدأت محكمة العدل الدولية النظر بالدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل على خلفية جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تساق فيها إسرائيل إلى محاكمة دولية هي بالدرجة الأولى إدانة أخلاقية لما ترتكبه قوات الإحتلال من جرائم ضد الإنسانية، رغم أن الإدانة الفعلية لإسرائيل حاصلة في الضمير الإنساني سلفاً، ويبقى المطلوب فقط المحاسبة.

وإذا كان الفريق القانوني للدولة المدّعية قد فضح في مرافعته أمام المحكمة الارتكابات الإسرائيلية بالأدلة والبراهين، غير أن الدعوى بحد ذاتها فضحت صمت، بل تآمر ما يعرف بالمجتمع الدولي وتخاذله عن القيام بالحد الأدنى المطلوب منه. وإذا كانت الشكوك بقدرة المحكمة على تخطي الضغوط التي ستتعرض لها حتماً من الدول الحليفة لإسرائيل كبيرة، لكن مجرد قبول الدعوى والنظر فيها يؤكد أنه حتى العدالة الدولية باتت غير قادرة على التعامي عن الارتكابات الإسرائيلية وضربها للقوانين والقرارات الدولية عرض الحائط.

أما التطور الأبرز محليا فتمثل أمس بعودة المبعوث الأميركي آموس هوكستين لاستكمال مهمته الهادفة إلى تبريد الجبهة الجنوبية والتي تشهد تصاعدا يوميا للاعتداءات الإسرائيلية. 

هوكستين قال بعد لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين إن “المرحلة صعبة”، وتتطلب “العمل بسرعة”، لقد أجريت محادثات جيدة، معرباً عن أمله “بأننا سوف نتمكن من العمل والمضي قدما في هذه الجهود للوصول سويا الى حل يسمح للشعب اللبناني من الجهة اللبنانية ومن الجهة الأخرى، بالعيش في أمان والتركيز على مستقبل أفضل”.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي شدد خلال لقائه هوكستين على أن “الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار في غزة ووقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والخروق المتكررة للسيادة اللبنانية”، وكرر القول “إننا نريد السلم والإستقرار عبر الالتزام بالقرارات الدولية”.

وأكدت مصادر متابعة للموقف اللبناني أن لبنان ملتزم بتطبيق القرارات الدولية لاسيما اتفاقية الهدنة والقرار 1701″، مشددة على أن “الشرعية الدولية بقراراتها تساعد لبنان في الحفاظ على سيادته واستقلاله وحتى على وحدته الوطنية، وإتفاقية الهدنة كرست حدود لبنان مع فلسطين المحتلة”. ولفتت المصادر الى أن “العالم حريص على تجنيب لبنان الحرب، والحركة الأميركية تحديدا تندرج في هذا السياق”، وأبدت المصادر اعتقادها بأن “كفّة الحل السياسي راجحة أكثر من كفّة الحل العسكري”، مؤكدة في الوقت نفسه أن “العُقد تضعها تل أبيب بسبب عدم تمكنها حتى الآن من تحقيق أي إنجاز في حربها على غزة”.

مصادر سياسية مطلعة على زيارة الموفد الأميركي، أشارت لـ”الأنباء” إلى أن “هوكستين أعطى هذه المرة إشارات واضحة الأهداف لمساعيه الآيلة لتجنب انزلاق المواجهات جنوباً الى حرب موسعة”، وتحدثت عن “عدم رغبة الجانبين اللبناني والإسرائيلي بتوسيع الحرب، ما قد يؤدي إلى نزع فتيل التوتر على الحدود في وقت ليس ببعيد”.

ورأى عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد رستم، أن مساعي الوسيط الأميركي آموس هوكستين تهدف إلى تطبيق القرار 1701، لكنه استبعد في حديث لـ”الأنباء” عودة الأمور على الحدود مع إسرائيل إلى ما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول ما لم يتوقف العدوان على غزة، واعتبر أن “الأمور ستبقى تراوح مكانها نظراً لارتباطها ببعضها البعض وبدون الخروج عن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ ٩٥ يوماً”، متوقعاً “بقاء الأمور كما هي الى حين التوصل إلى تسوية معينة”.

رستم أمل في الوصول الى وقف لإطلاق النار في وقت قريب، مشيرا إلى زيارة قريبة للموفد القطري الى لبنان في مسعى جديد لانتخاب رئيس جمهورية. وقال: “من الواضح أن فرنسا والولايات المتحدة لا تريدان الحرب في المنطقة، فإذا نجحت الدول الغربية بالضغط على نتنياهو لوقف الحرب على غزة وجنوب لبنان تكون المنطقة قد دخلت في التسوية، فيسهل بذلك التوصل لانتخاب رئيس للجمهورية”، على حد قوله. 

إذاً، المساعي تسابق التصعيد، فيما بات الجميع مقتنعاً أن مصلحة لبنان تقتضي عدم جره إلى حرب يتضح كل يوم أن فريق الحكم في اسرائيل يرى فيها مخرجا لأزمته التي خلقها بنفسه في حربه الفاشلة على غزة. فهل تنجح المساعي ونفوّت على العدو تحقيق أهدافه ونحمي لبنان؟

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top