جلسة الخميس .. “قرقعة” في “معدة فارغة”! ..

بقلم خالد صالح

سَمِعَ أحدُ السلاطين أنّ في السوقِ “جاريةً” سعرُها يفوق سعر مئة جارية، فأرسلَ السلطان وزيره المقرّب ليستقدمها لمعرفة ما يُميزها عن غيرها، فلمّا حضرت وقفت أمام السلطان و “شموخها” لم يعهده من الجواري الأخريات، فسألها السلطان لماذا سعرُكِ غالٍ أيتها الجارية؟، فأجابت ليس لجمالي وحسني فحسب بل لأنني اتميّز بالذكاء !!
أثارَ كلامها فضول السلطان، فقال لها: سأسألكِ بعض الأسئلة، فلو أجبتِ اعتقتُكِ، ولو عجزت عن الإجابة قتلتكِ !!، فوافقت على الفور، فقال السلطان، ما هو أجملُ ثوبٍ، وأطيبُ عطرٍ، وأشهى طعامٍ، وأنعمُ فراشٍ، وأجملُ بلد؟، فالتفتت الجارية إلى الموجودين وقالت: “حضّروا لي متاعًا وفرسًا فإني مغادرة هذا القصر وأنا حرّة ..
ثم قالت للسلطان، أجملُ ثوبٍ هو قميصُ الفقير الذي لايملكُ غيره فإنه يراه مناسبًا للشتاء والصيف، أما أطيبُ عطرٍ فهو عطرُ الأم حتى لو كانت نافخة النار في حمّام السوق، أما أشهى الطعام فهو ما كان على جوع فالجائع يرى الخبز اليابس لذيذًا، أما أنعم فراش فهو ما نمت عليه وبالك مرتاح وضميرك مطمئن، فلو كنت ظالمًا لرأيت فراش الذهب شوكًا من تحتك .. ثم سارت نحو الباب، فناداها السلطان، لم تجيبي على سؤالي الأخير، فالتفتت إليه وقالت : أما أجملُ بلدٍ هو “الوطن الحر” الذي لا يحكمه “الجهلة” ..

فكفكفة العقد

هي ساعاتٌ قليلة تفصلُنا عن جلسة “حبسِ الأنفاس” و “ربط الأحزمة” لاسيّما مع تسارع التطورات المضبوطة على “بيغ بن” الرئيس نبيه بري، جلسة الانتخابات الرئاسية التي تُسابق مرحلة دقيقة جدًا من العقد تحتاج جهودًا جبارة لـ “فكفكتها”، وحتى اللحظة لاتزال المحاولات مستمرة لإيجاد “المفتاح السحري” لفتح “صندوق الحل” لإقفال باب الفراغ الممتد منذ 26 شهرًا، وفتح باب “قصر بعبدا” .
لكن الملفت أنّه حتى اللحظة لم نزل في لبنان نشعر أن الأفرقاء السياسيين غير قادرين على انتاج حل أو صياغة خارطة طريق نحو الغاية المثلى التي يريدها كل مواطن لبناني، خصوصًا أن الكثير من الوعود التي أطلقوها لحل أزماتنا تمّ ربطها بـ “الرئيس العتيد”، وإذا لم يكن من طرف يملكُ الجوابَ الحاسم لمسار جلسة الخميس، فإن “الاستخفاف” الذي نشهده من بعض الأطراف يجعلنا نتأكد أن سيناريو التأجيل هو الأقرب خشية من “الفضيحة” المتوقعّة وإظهار عجزنا الفاضح وأننا لم نزل “قُصّر” ونحتاجُ إلى وصاية تقودنا للخلاص .
إذ أننا وأمام جملة المتغيّرات الجيوسياسية التي تدحرجت كـ “كرة الثلج” في المنطقة، نشهد ممارسة البعض للرمادية “السخيفة” في أسلوب التعاطي مع أهم حدث “عالق في بلعوم” اللبنانيين، بالرغم من أن هوامش السيناريوهات بدأ يضيق أمام الأفرقاء أصحاب الشأن، وما نشهده من ضجيج أصوات “طبول المعركة” ما هو “قرقعة” في “معدة فارغة”، لأنّ كلمة السر “للأسف” لم ترد بعد لمسامع من يحكمنا بالطول والعرض سواء بـ “فائض القوة” أو بـ “منطق السيادة” .

محكومون من “جهلة”

على وقع دبيب التحركات التي قد تتكثف خلال الساعات الـ 48 المقبلة، والتي من المرجّح أن تكون حُبلى باتصالات ولقاءات و “مناورات”، في رحلة تسابق قطار “التواريخ” المفصلية والدقيقة بدءًا من العشرين من الشهر الحالي تاريخ عودة “ترامب” إلى البيت الأبيض، والسابع والعشرين منه تاريخ انتهاء مهلة الـ 60 يومًا التي نصّ عليها إتفاق وقف النار، وسط توقعات بعودة الأمور إلى المربّع الأول واستئناف الحرب مع ما في ذلك من نتائج كارثية لم نخرج من سابقتها بعد .
ونتيجة للمتابعة التي تدور سواء فوق الطاولة أو وراء الكواليس، نستشعر أن “الحيطة والحذر” هما الغالبان مخافة أن يقع من يحكمنا في “مكيدة” ما، تدفع الأمور إلى مزيد من التأزيم سواء داخليًا أو إقليميًا ودوليًا، وما نشهده أقرب إلى سياسة “دس السمّ” تكمن في “التكتيكات” أو “الفيتوات” أو “الرماديات”، مخافة الوصول إلى “هبوط رئاسي” في مطار بعبدا في غفلة عن إرادة البعض، خصوصًا أن التوازنات لا تمنح أحدًا فرصة التقدم على الآخر، لكنها “لعبة أرقام” قد تدفع السيناريو إلى مالا يُحمد عقباه وهو منطق “الأمر الواقع” .
صعدوا كلّهم إلى الشجرة، وحملوا معهم أكثر من منطق، فضاقت الخيارات وزادت حدة مخاطر الاصطفافات الداخلية، الأمر الذي يوحي بأن لبنان باقٍ في “زاوية المراوحة” العاقر عن اجتراح المعجزة، فهل تعلمون الآن لماذا وطننا وصل إلى هذا المستوى من الإنحدار والانحطاط والدمار والأزمات، وفقد موقعه وهيبته ودوره، ونحن كمواطنين فقدنا كل شيء، ونبحث عن وطن حر بالمفهوم الحقيقي، لأن من يحكمنا بعض “الجهلة” ..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top