“سعد الحريري” ليس زعيمًا .. إنه كلّنا وكّلنا للوطن !!

بقلم خالد صالح

معركة الحقّ مع الباطل تظلّ قائمة مادام على الأرض مفسدون وظالمون ومستبدون، ويصولُ الباطل ويجول عندما يغيبُ الحقّ وأهله الصادعون به، الذين لا يخشون أحدًا إلا الله، ويواجهون الظلم ويقهرونه بعظمة ثباتهم على مبادئهم الذي يستمدّونه من صدق توكلهم على الله عز وجل، إن للباطل في أصله طبيعة جبانة زهوقة رغم ما قد يجند من وسائل وأدوات للتخويف ولصنع هالة من الرهبة في قلوب الناس، قال الله سبحانه وتعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (الإسراء81) .
قد يحقق التخلي عن المبادئ الأخلاقية مصلحة على المدى القريب لكنه يودي إلى الخسارة على المدى الطويل، و قد يزيد التاجر أرباحه موقتًا بغشّ الناس، لكن عندما يكتشفون غشه سيخسر كل ما كسبه، فما من سياسي يرضى عنه الجميع ولابد من وجود معارضين ومنتقدين، لكن الناس تحكم في نهاية المطاف على النتائج وتحترم من يشرح لها ويحترم عقولها.
إن الاقتناع باستحالة الجمع بين السياسة و الأخلاق سيدفع أهل الأخلاق إلى الزهد بالمناصب السياسية و بما أن هذه المناصب لا تحتمل الفراغ فسيشغلها من لا خلاق لهم وهذا سبب الثورات و الأزمات و الكوارث و الحروب عبر التاريخ فالسياسات القائمة على الظلم و العدوان و العلوّ في الأرض لا تسبب إلا الانهيارات و الصراعات ولو وفّرت لأصحابها فوائد مؤقتة.

حملات مبرمجة مسبقًا

ما إن تمّ الاعلان عن حضور الرئيس سعد الحريري للمشاركة في الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنّه سيكون له “كلمة سياسية” في هذه المناسبة، و هي الأولى له منذ الـ 2020، في خطوة يراها البعض إيذانًا لانطلاقة جديدة، حتى بدأت الأقلام المأجورة بسيل من الاتهامات والافتراءات و الشروط التي ما أنزل الله بها من سلطان، في محاولة لتطويقه “مسبقًا” وإلزامه بـ “مسار” يتناسب والمجموعة التي تقف وراء هذه الحملة، معتقدين أنهم بهذا الأمر يحققون مآربهم التي بدت واضحة للعيان منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم ..

سعد رفيق الحريري لم “يغادر” أصلًا كي يعود، فهو حاضر دائمًا بيننا يتعايش مع واقعنا، و لايحتاج لأي دافع ليرسّخ مكانته في قلوب أهله و ناسه، و سعد رفيق الحريري لم يعلّق حياته مع الناس، بل علّق عمله السياسي التقليدي، فهو بالقرب منّا يعلم ما نقاسيه و يتفاعل مع أزماتنا، لكنه أبى الدخول في “زواريب” سياسة المصالح، و هو جليٌّ و واضح لا يمارس الديماغوجية، لهذا كاشف اللبنانيين جميعًا بحقيقة الأمر وأوضح لهم خارطة الطريق لخلاص لبنان، و لايزال متمسكًا بها، لأن البقية يمكن وصفهم بـ “العجزة” عن تقديم خارطة وطنية كالتي قدّمها .
و أمام ما يحصل هذه الفترة، يمكن طرح السؤال التالي : لماذا هذا الحقد على سعد رفيق الحريري؟.
الذي يتوهّم أنه هو من يحدد لـ “سعد الحريري” أين يكون، سيكتشف كم هو واهم، فمن يكون كـ “سعد الحريري” الرجل ابن الرجل، قوانين السلوك لديه ليست سوى قواعد الأخلاق والقيم الوطنية، و من يتوهّم قدرته على رسم مستقبل هذه القامة الوطنية، عليه أن يسأل ماضيه أولًا إن كان يُبيح له الرسم وبعدها فليتكلم ..

هو كلنا .. وكلنا للوطن ..

الآن .. وبعد أن أداروا محركاتهم وجنّدوا أزلامهم في محاولة النيل من “سعد الحريري” آن أوان قول كلمة الحق التي تصدح فوق رؤوس أصحاب الباطل، إن محبة الناس لهذا الرجل صارت تسير بدمائهم و في شرايينهم، و هذا “الولع” الشديد بشخصه لم يأتِ من فراغ، بل هو “عشرة عمر”، أحبَّ الناس و أحبّوه، كان صادقًا معهم فصدقّوه و صادقوه، نحن الذين زرع في قلوبنا بذور الوطنية و عشق الوطن، و روّض بإيمانه المطلق كل فكر متطرّف، مذهبيًا ومناطقيًا، نادى بحقوق الوطن بينما كان البقية ينادون بحقوق طوائفهم، فصار حبّه على مساحة الـ 10452 كلم مربع بينما بقوا في زواياهم يتخبطون ..

أنصت اللبنانيون لـ “دمعه” لـ “خوفه” على البلد و هو يتدفق نحونا، لذلك يرعبهم وجوده لأنهم يوقنون أنه “رجل دولة” بإمتياز، و أن حضور رجل الدولة يفوق قدرتهم على تطويقه ولو هطلت السماء مقالات و اتهامات و افتراءات، كان و لايزال يتعامل مع الحلفاء و الخصوم على “ميزان” محبته لهذا البلد، فوالده الشهيد زرع فيه هذه الخصال ( يهاجمون رفيق الحريري نسامح، يهاجمون الحكومة نسامح، لكن لن نسامح من يسيء إلى لبنان).
نعم “يحقدون” على سعد الحريري لأنه أثبت لهم أن قرار تعليق العمل السياسي هو نتيجة واقعية لقراءة متأنية للتطورات، فكان هذا القرار مليئًا بالحكمة و الحنكة و الشجاعة التي فاقت توقعاتهم، لذلك يهابون قرار عودته فانطلقت حاشيتهم الكبيرة والصغيرة في محاولة يائسة للتأثير المباشر على إحياء ذكرى 14 شباط لأنهم يعلمون أن عودة سعد الحريري للعمل السياسي ستقض مضاجعهم والكثير منهم سيعود إلى حجمه الطبيعي ..
لسان حال “سعد الحريري” يقول : أخذتُ من أبي دمعته فعيناه لامعتان بالأمل و الطموح كلّما ذُكِرَ لبنان أمامه، أخذتُ منه “قلبه” الذي بدا كالإسفنجة و هو يتلقّى الإتهامات نهارًا فيعصرها ليلًا كي يبقى قلبه ناصعًا، أخذت إصراره و رؤيته و تحدّيه و مواجهته، و كنت صادقًا مثله مع اللبنانيين، أخذت ريادته وسموّه و تعاليه عن الأحقاد و الضغائن لمّا أدار وجهه للغياب ..
يوجد خيط رفيع بين “النصيحة” و “الشتيمة”، الأولى تأتي من محبّ صادق، بينما الثانية تأتي من حاقد أعماه جهله، لذلك و كما اعتدنا من سعد الحريري سمو نفسه و نقاء سريرته، و لله درّه كم أسقط أقنعة عن وجوه كنا نعتقد أنها من “عظام” الرقبة!..

لكل من يحاول ضرب عزيمتنا التي رفعناها تحت شعار “بالعشرين عساحتنا راجعين” نقول لهم بالفم الملآن .. سعد الحريري ليس زعيمًا .. إنه أكبر من ذلك .. إنه جميعنا .. كلّنا .. وكلنا للوطن ..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top