على وقع الانفصام الإسرائيلي يجهد الوسطاء للتوصل إلى وقف لاطلاق النار في غزة، فالمفاوضات تترنح بين تشاؤم إسرائيلي وتفاؤل أميركي حذر في ظل وجود تناقض في ردود فعل نتنياهو عبر دخوله رفح بالدبابات وإرساله وفداً للتفاوض.
أما على جبهة “الاشغال” الوضع ليس أفضل، فالتصعيد الإسرائيلي على الجنوب اللبناني تخطى القرى الأمامية وبات السؤال الأكثر طرحاً، هل فعلاً سيكون صيف لبنان ساخناً؟
بقلم وفاء مكارم
في السياق، أكد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد بسام ياسين في حديث خاص لـ “ديمقرطيا نيوز” بأن لا أفق للورقة الفرنسية او غيرها لان الوضع في الجنوب مرتبط بغزة، معتبراً أن المساعي الأميركية والفرنسية تهدف لفصل ملف لبنان عن ملف فلسطين في حين أن حزب الله يرفض هذا الطرح ما يعني أن لا حل في الوقت المنظور.
وعن إمكانية قبول حزب الله بالتراجع إلى ما بعد الليطاني، لفت ياسين إلى أن الحزب يريد وقف اطلاق النار في غزة وانسحاب اسرائيل منها مع إعطائه ضمانات لعدم تكرار الاعتداءات على الجنوب وقتها يتم النقاش، مشدداً على أن الوضع في الجنوب لا يقبل المساومة وأصبح الإسرائيلي ملزماً بتوسيع الجبهة واذا انتهت الحرب في غزة باستسلام حماس ستستمر الحرب في لبنان لان هذه النهاية تتعارض مع رغبة الحزب.
وقال ياسين: “أن العدو الإسرائيلي يعتبر هذه الحرب معركة وجود وسيُكمل حربه حتى استسلام حماس وعندها سيلجأ إلى توسيع الحرب مع لبنان”، مستبعداً أي عملية برية في الجنوب اللبناني لان الخسائر ستكون كبيرة وحساباتها مختلفة.
وأضاف ياسين أن الحرب على لبنان قد تكون عمليات جوية مكثفة لتضغط من خلالها اسرائيل على حزب الله لتُبعد قوات الرضوان عن الحدود، معتبراً أن مزارع شبعا ستبقى ورقة عالقة بيد الإسرائيلي لأنه لن يتخلى عن المنشآت السياحية التي أقامها من جهة، ومن جهة ثانية ستكون ورقة بيد حزب الله كي يبقى في إطار المقاومة لحين تحقيق السلام مع كافة البلدان العربية.
وعن معركة رفح، أشار ياسين الى أن الوضع مثل الكباش لا نعلم من يلوي ذراع الآخر في البداية ولان مصير إسرائيل على المحك فهي مستمرة بالحرب حتى النهاية واستسلام حماس واحتلال غزة بشكل كامل.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي فيصل عبد الساتر في حديث خاص لـ “ديمقرطيا نيوز” ان العملية في رفح مازالت محدودة، لافتاً إلى انه اذا تطور هذا الأمر لن يقتصر على الساحة اللبنانية إنما كل جبهة محور المقاومة ستدعم رفح ميدانياً وعندها تكون الساحة اللبنانية مرشحة للتصعيد.
وعن تهديد إسرائيل بصيف لبناني ساخن، قال عبد الساتر “تعودنا على هذا النوع من التهديدات وهو يدل على ضعف العدو الاسرائيلي وارباكه، وان على إسرائيل أن تدرك أن ما ينتظرها في المقابل صيف ملتهب أيضاً خصوصاً أن عمليات حزب الله مازالت تقتصر على المنطقة القريبة من الحدود وتوسعة الحرب ليست نزهة”.
واعتبر عبد الساتر أن هذه التهديدات هدفها إشعال السجالات في الساحة اللبنانية خاصة أن الإسرائيلي استنفذ كل الوساطات التي كان يريد من خلالها أن يوقف العمليات العسكرية باتجاهه، وبالتالي الإسرائيلي اليوم أمام معادلة كبيرة جدا فاذا أشعلت حرب في لبنان ستكون الشرارة التي ستشعل الحرب في المنطقة، لافتاً إلى أن محور المقاومة أعلن جهوزيته لمساندة لبنان بحال تطورت الأمور.
ورأى عبد الساتر أنه لن يكون لحزب الله أي كلام بشأن القرار 1701 او الورقة الفرنسية ما لم يتوقف العدوان على غزة، مؤكداً أن القرار 1701 لن يستمر على ما كان عليه وسيحتاج إلى تعديل سيطرحه حزب الله على طاولة البحث.
وعن المفاوضات، أشار عبد الساتر إلى ان الاجواء توحي إلى إمكانية التوصل إلى إبرام الاتفاقية التي يُعمل عليها، مشيراً إلى أن نقاط الخلاف بين الوفد الفلسطيني والإسرائيلي بسيطة جداً ومسألة لبنان في هذا الإطار مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة.
ومن جهته، رأى المحلل السياسي ابراهيم ريحان في حديث خاص لـ “ديمقرطيا نيوز” أن لا شيء يمنع في السياسة أن يقدم هوكشتاين الرئاسة على طاولة البحث مع الحزب، خصوصاً أن المفاوضات الجارية عنوانها أمن إسرائيل بالدرجة الأولى، مشدداً على أن الولايات المتحدة تقارب الملف الرئاسي من باب مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
وعن تأثير عملية رفح على لبنان، أشار ريحان إلى أنها ستؤجل البحث الرئاسي خصوصا أن الحزب المعني الأول بملف الرئاسة يصب اهتمامه على معركتي غزة والجنوب.
ولفت ريحان إلى أنه بحسب المعلومات فإن مفاوضات الهدنة متوقفة، وبالتالي فان أي البحث بشأن الجنوب متوقف أيضاً ومعها كافة الملفات المرتبطة في لبنان، مشيراً إلى أنه حتى اللحظة مستبعد الوصول الى نتيجة إيجابية مع اصرار نتنياهو على استكمال الحرب في غزة.
وعن التنسيق الفرنسي_الأميركي مع قائد الجيش جوزيف عون فيما يخص الورقة الفرنسية وإمكانية أن يكون مرشح التسوية في المفاوضات، اعتبر ريحان ان حظوظ القائد ترتفع اذا كان ضمن تسوية اقليمية – دولية أساسها أميركا – السعودية – ايران، مؤكداً أن هذه التسوية غير متوفرة حتى اللحظة لان لكل دولة أولوياتها الاستراتيجية في ظل اجواء المنطقة.
