بقلم رفال صبري
بدأت المعضلة منذ أن اتّجه نواب التغيير المستقلين بطرح مشروع قانون في المجلس النيابي يضمن حماية المثليين وعدم التعرض لهم في لبنان، وعلى إثره انتشر الترويج للمثلية الجنسية في المجتمع اللّبناني أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
بات علم قوس قزح اليوم حديث الساعة ورمز للحرية الشخصية وأصبح معلّقًا في المقاهي والمهرجانات، على الملابس والمنتجات المختلفة كنوع من الدعم للمثلية الجنسية والاعتراف بالشذوذ!
هذه المرّة ليست حربًا طائفية ولا دينية، إنّما حربٌ أخلاقية تضامن فيها رجال الدين من مختلف الطوائف والمذاهب وأجمع على رفضها عدد كبير من مختلف شرائح المجتمع اللّبناني على اعتبارها مسألة مصيرية من المحتّم الحدّ من انتشارها.
وفي هذا السياق جاء فيلم “باربي” العالمي كي يثير الجدل أكثر فأكثر، إذْ أنّ شخصية مرغوبة ومحبوبة جدًّا من قبل الأطفال والفتيات على وجه الخصوص كشخصية “باربي”، من الطبيعي أن يلقى هذا الفيلم ترويجًا كبيرًا واقبالًا غير مسبق لمشاهدته…
ظهرت المشكلة مع الإعلان الترويجي للفيلم، حيث أظهر ترويجًا للمثلية الجنسية والشذوذ من خلال عدد من المشاهد واللقطات، وأثار جدلًا واسعًا ورفضًا لا سيّما لدى مجموعة من الأهل الذين يحرصون على تنشئة أطفالهم على المبادئ والقيم التي تتعارض مع ما يتم الترويج له في أيامنا هذه.
وفي محاولات عديدة من وزير الثقافة اللّبناني محمد مرتضى لحظر الفيلم من العرض في دور السينما إلّا أنّ الكلمة الأخيرة كانت لمديرية الأمن العام اللبناني الّذي توصّل في نهاية المطاف إلى الموافقة على الفيلم وعرضه يوم الجمعة القادم شرط ألّا يسمح لمشاهدته من هم دون الثالثة عشرة عامًا!
في ظلّ هذه المشكلة الاجتماعية التي من شأنها أن تغيّر عددًا كبيرًا من مبادئ المجتمع اللّبناني، أعربت المرشدة الاجتماعية النفسية “رجاء الدرويش” في حديثٍ إلى موقع “ديموقراطيا نيوز” عن أهميّة دور الأسرة من خلال توعية الأطفال وإرشادهم عبر أساليب ليّنة وغير قمعية وغرس المفاهيم الصحيحة فيهم كي يكونوا مدركين للصواب والخطأ.
تتابع “الدرويش”، التوعية تساعد الأطفال والمراهقين من خلال جعلهم أكثر إدراكًا لما يدور حولهم وبالتالي أقلّ عرضةً للتأثر خصوصًا وأنّ الفيلم موجّه لأعمار المراهقة بشكلٍ مباشر وهو العمر الأكثر حساسية والأكثر تأثرًا وهذا هو هدف الفيلم منذ البداية.
تضيف “الدرويش” “أنّه لا يمكن فصل الفرد عن المجتمع وهو في تعرّض مستمرّ لعدد من الظواهر الاجتماعية والآفات التي لا يمكن السيطرة عليها في بعض الأحيان كما الحال مع فيلم “باربي””، وتشير “أنّه لا بدّ من حرص الأهل على عدم إشراك أبنائهم في مشاهدة الفيلم وشرح الأسباب لهم بطريقة تناسبهم فلا يمكن الرفض دون تبرير خصوصًا مع فئة المراهقين”.
على الضفة المقابلة، أظهرت قناة ال “أم تي في” جدلًا واسعًا من خلال عرضها إعلانًا ترويجيًّا للمثلية الجنسية والمطالبة بإلغاء المادة 534 من قانون العقوبات التي تجرّمها معتبرةً أنّ الحب ليس بجريمة!
في بلدٍ ينقسم بين الأسود والأبيض، بين المبادئ وشعار الحرية، كيف ستكون التنشئة الاجتماعية للجيل الحالي والقادم في ظلّ هذا الشرخ الكبير؟
وهل سيسمح لبنان بالشذوذ ويعترف بالمثلية فقط لأنّه وطن شعاره حريّة التعبير؟