سلامة: الحكومة تسعى جاهدة للحصول على تمويل لإعادة الإعمار

جال وزير الثقافة غسان سلامة على عدد من الفاعليات والمواقع الأثرية في صور ومنطقتها لا سيما المواقع التي تعرّضت للاعتداءات الإسرائيلية، يرافقه المدير العام للإثار المهندس سركيس الخوري، ومدير المواقع الاثرية في الجنوب الدكتور علي بدوي.

المحطة الأولى كانت في دار الافتاء الجعفري في صور حيث كان في استقباله مفتي صور وجبل عامل العلامة القاضي الشيخ حسن عبدالله في حضور النائب علي خريس والنائب عناية عزالدين والمسؤول التنظيمي لحركة “امل” المهندس علي إسماعيل والمسؤول الإعلامي في الحركة – جبل عامل علوان شرف الدين ومدير مجمع الخضرا الديني الشيخ علي عبدالله. 

ورحّب العلامة عبدالله بسلامة، مشيرًا إلى أنّ “مدينة صور تعرضت لدمار الكبير وطال التدمير الممنهج عدد من المواقع الأثرية وأنّ هذه الزيارة تؤكد التواصل مع الأطراف من قبل مؤسسات الدولة يعطي فرصة جديدة و اكيدة للتغلب على كل التحديات التي نعيشها لاخراج لبنان من اثار الحرب ومن عقلية التعصب الطائفي والالتزام بادبيات الحوار والخطاب المتشنج للقوى السياسية اللبنانية”. 

وأضاف: “إننا في مدرسة الإمام القائد السيد موسى الصدر عملنا دائمًا على جمع شمل الوطن لاننا نعي مخاطر التفرقة و التشرذم و بالحقيقة لا يوجد في قاموس العدو الاسرائيلي هدف لمجموعة لبنانية من دون أخرى بل لبنان كله مستهدف”.

ودعا الحكومة عبر وزير الثقافة إلى أنّ “تعدّ برامج للإعمار مع الدول القادرة على المساعدة وافساح المجال عبر خطاب عام للاغتراب بالمساعدة وأن تتخذ الحكومة سلسلة تدابير تسهل المساهمات في إعادة الاعمار”.
 وقال: “نحن ندرك صعوبة الواقع  لذلك لا نريد الخطاب الحامي والتخفيف من المشاحنات السياسية ويجب ان نتفق على احترام الرأي الآخر وان كنا لا نتفق معه”.
واعتبر أنّ”العدو الإسرائيلي مارس أبشع الجرائم في حق الانسانية والبيئة وهذا دليل على محاولة العدو الاسرائيلي لتهجير الاهالي والسكان ولكننا متجذرين في الارض”، وأشار إلى تسليط الضوء على ما قام به العدو الاسرائيلي من تدمير لعدد من المواقع الاثرية”.

بدوره، قالت النائبة عزالدين: “نرحب بالوزير غسان سلامه في صور ونبلغكم تحيات أهل الجنوب والرئيس نبيه بري. المدينة المرحبة بكل اللبنانيين والمدينة النموذج من وجهة نظري للعيش المشترك او فلنقل العيش الواحد في لبنان. هذا الكلام ليس “كليشه” نكررها على الطريقة اللبنانية. هذا الكلام اكدته التجربة. صور وقفت عند أبوابها الحرب الاهلية التي عصفت بمعظم المناطق والمدن والقرى اللبنانية وحافظت على نسيجها المتنوع اثناء الحرب وبعد الحرب تحولت صور إلى مدينة تستقبلاللبنانيين من كل المناطق على تنوعهم واختلاف ثقافاتهم واختلاف نمط حياتهم. واحترم اهل المدينة هذا التنوع وأثبت اهل صور ومنطقتها ان الجنوب يتقبل كل اللبنانيين دون اي تحفظ ودون اي عقد مؤكدين الصورة الحقيقة للجنوب والتي يحاول كثر للاسف ان يلصقوا بالجنوب وبالجنوبيين صور نمطية لا تمت اليهم بصلة”. 

وأضافت: “نُرحّب بالوزير سلامة ومن خلاله نتوجه إلى الحكومة اللبنانية الحالية لنقول لها: أهل الجنوب ينتظرون الدولة ويريدونها الآن كما منذ مئة عام أو ٨٠  و50. نريد الدولة الحامية والدولة الراعية. أليست وظيفة الدولة الأساسية ان تحمي ومن ثم أن ترعى. هذه الدولة لم تكن موجودة للأسف.  اسمح لي  معالي الوزير ان اكرر ما قاله السيد عبد الحسين شرف الدين ابن مدينة صور في العام ١٩٤٨: “وحسبنا الآن نكبة جبل عامل في حدوده المتاحة ودمائه المباحة … هذا الجبل العريق يدفع الغرم، ومن الغنم يحرم. جبل عامل المرابط يدفع جزية الدم لشذّاذ الآفاق من كل مَن لفظته الأرجاء ونبذته السماء (في إشارة إلى العصابات الصهيوينة) “.. فإن لم يكن يا فخامة الرئيس من قدرة على الحماية، أفليس من طاقة على الرعاية، إذا لا نستطيع أن ندافع ونقاتل ونصون البلد ألا نقدر أن نمسح الدموع ونبلسم الجراح ونطعم الجائعين؟ وإذا لم تؤدَّ الحقوق فلماذا يستمر العقوق؟ فإذا قرأتم السلام على جبل عامل فقل السلام عليك وعلى لبنان”. 

تابعت: “بعد هذا الكلام بحوالى ٢٣ عامًا كرر الإمام السيد موسى الصدر المضمون ذاته ففي 26 أيار 1970 إلى إضراب عام “لتذكير الدولة والرأي العام بأنَّ الجنوب جزء من الجمهورية اللبنانية”.وفي رسالة وجّهها الإمام الصدر إلى أعضاء المجلس النيابي، ونشرتها الصحف اللبنانية بتاريخ 4 كانون الأول 1969، يقول الإمام في خاتمتها: “… إن لبنان دون منطقة الجنوب أسطورة، وإن لبنان مع جنوب ضعيف جسم مشلول، وإن لبنان دون قوة الجنوب مغامرةٌ تاريخية. إن الجنوب القوي سياج لبنان واللبنانيين، وسلاح العرب والحق، ومصلحة عاجلة وعميقة لكل إنسان في الشرق وفي كل مكان..”. وبعد ذلك بعدة أيّام، وتحديداً في رسالته بمناسبة عيد الفطر بتاريخ 9 كانون الأول 1969، يقول: “إن الخطر الذي يستهدف لبنان الجنوبي هو الخطر الحقيقي على الأراضي اللبنانية بأجمعها، وانهيار الجنوب لا ينفصل حتماً عن سقوط المناطق الأخرى. إن إسرائيل بوجودها وبما لها من أهداف تشكل خطراً علينا محدقاً على جنوبنا وشمالنا، على أرضنا وشعبنا، على قيمنا وحضارتنا، على اقتصادنا وسياستنا. إنها تشكل الخطر الآن وفي المستقبل، في المنطقة وفي أبعاد لبنان التاريخية والجغرافية والبشرية. هذه المبادئ لا تحتاج إلى إثبات إلاّ لمن يجهل حقيقة إسرائيل أو يتجاهلها …”نحن أولاد هذه الأرض وأقله في الجنوب هذا الجنوب الذي لم تطأه الحرب الاهلية لم نعاني يوما من اي حروب إلا خروب إسرائيل علينا. هذه لغتنا وهذه مطالبنا يا معالي الوزير وما زلنا نكررها”. 

وضافت: “اليوم فلتتفضل الدولة وتقوم بمسؤولياتها باعادة الإعمار وبتحرير الارض واذا لم تستطع وانطلاقا من مقولة انه في عالم اليوم السيادة نسبية ( وهذا ما كررته حضرتك يا معالي الوزير في اكثر من موقع) فلتسمح للمواطنين بان يحرروا الارض وبان يعيدوا الاعمار وهذا ما فعلناه سابقا بعد احتلال دام ١٨ سنة. تأتي معاليك لتزور الاثار في صور ومنطقتها. وهذه الاثار تقول الكثير بطبيعة الحال ولكن اهم ما تقوله اننا نحن اهل هذه الارض لا يمكن ان ننتهي لا يمكن ان نتوقف نحن ملح هذه الارض ونحن كموج البحر متى توقفنا انتهينا. هذه الارض سقيناها دماء أبنائنا ودفنا من استطعنا ان ندفنه فيها أما الذين لم نستطع ان ندفنهم فقد انجبلت اجسادهم بترابها. فلا يظنن أحد إنّنا سنسمح بأن نبقى محتلة ولا يظنن أحد أنّنا سنقبل بأن لا تعمر بيوتنا. هذه الاثار التاريخية لا تقول ذلك والوقائع التاريخية لا تقول ذلك والثقافة، ثقافتنا لا تقول ذلك وعلى المسؤولين ان يفكروا جيدا بهذا الامر وان يأخذوه بالحسبان عند اتخاذ قراراتهم وتحديد سياساتهم”.

ختمت: “نرحب بكم مجددا في صور وعلى أتم الاستعداد للتعاون من اجل معالجة آثار الحرب الإسرائيلية على التراث العالمي لمدينة صور ونحن معكم من أجل اعادة بناء لبنان الحاضن والحامي والراعي لكل أبنائه وبناته لبنان الغد السيد والحر والمستقل”.

رحب النائب خريس  بالوزير سلامة مشيرًا إلى “أهمية الاضطلاع المباشر على حجم الدمار الهائل الذي خلفته الغارات المعادية وأهمية أن تعمل الحكومة اللبنانية على برمجة إعادة الاعمار وخصوصًا إعادة تاهيل البنية التحتية لمدينة صور والبلدات والقرى المتاخمة التي دمرت بشكل كامل”.

وأشار إلى أنّ “السعي الدائم من أجل إرساء دعائم الدولة عبر حماية الناس وحفظ كراماتهم لأنّ الصمود والتجذّر في الأرض هو صفة ملازمة للأهالي الجنوب”.

بدوره شكر الوزير سلامة للعلامة عبدالله  الحضور  حسن الاستقبال وقال: “إنني كوزير للثقافة حريص دائمًا على علاقتي الوطيدة في مدينة صور التي تختزن الكم الهائل من المواقع الاثرية  وقد تعاونت سابقًا مع العديد من الفعاليات الصورية للعناية بالآثار التاريخية في صور ومنطقتها”. 

وأضاف: “جئت لاتفقد آثار الحرب الإسرائيلية على لبنان وليس على الجنوب أو على الشيعة فقط لكي أرى ما يمكن فعله وخصوصًا بعد معاينتي لقلعة شمع ومقام النبي شمعون الصفا”. 

وختم:” إنّ الحكومة، ان قصر عمرها أو طال، ستعمل بطريقة إرادية وضمن رقعة مشتركة في زمن التحولات الصعبة بالعالم والحروب التي تجري وأن نبني مداميك الممانعة الداخلية لنقف إلى جانب بعضنا البعض أمام العواصف التي تهب رياحها في منطقة الشرق الأدنى كما أنّ الحكومة تسعى لإعادة الاعمار في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة وتسعى جاهدة للحصول على تمويل لاعادة الاعمار والاهتمام بالمناطق التي تعرضت للدمار وهذا الامر يحتاج الى جهود الجميع”.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: